كمعالم الدين لضياء الدين والمواقف للسيد وغيرها كثير مشحونة بها ، وبها تدفع الشبه الزائغة ويقرر الحق بما لا مزيد عليه وتظهر القوة الفكرية وأسرار النفوس الشريفة ونتائج القرائح . وهل المراد بقوله سبحانه وتعالى: { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب } ( آل عمران / 190)الآية وقوله ( ألم ينظروا في ملكوت السماوات والارض ) الآية في كثير من أمثالها إلا جذب العقول إلى البحث فيها وتدبرها حتى تقف على كمال قدرة الباري جل شأنه وآياته العجيبة وحكمته الباهرة فتعترف له بالوحدانية وتخضع لعزته وجبروته وصمدانيته ؟ سبحانه من إله عجزت عن أن تناله الأفهام ، وتاهت في جماله واتقان صنعه الأحلام ، لااله الا هو، له الحمد في الأولى والآخرة ، وله الحكم وإليه ترجعون.
وعرف بعض الفلسفة بالتشبه بالخالق بحسب الطاقة البشرية لتحصيل السعادة الأبدية واستدلوا لهم بقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( تخلقوا بأخلاق الله ) أي تشبهوا به في الإحاطة بالمعلومات والتجرد عن الجسمانيات ، وقد رأيت ما ذكرناه لك وهو الحق الذي ما بعده إن شاء الله وتوسع المتأخرون في مباحث كثير من فنون الفلسفة ولا سيما فن الطبيعيات فسموا بعضا منها بأسماء مخصوصة.
كعلم الجيولوجيا(1) وعلم الفسيولوجيا(2) وعلم الهستولوجيا(3) وعلم البكتريولوجيا(4) وغيرها كثير .
واعلم أن البحث في الطبيعيات يضاهي بحث الطبيب عن جسم الإنسان وأعضائه الرئيسية والخادمة وأسباب استحالة مزاجه ، فكما ليس من شرط الدين إنكار علم الطب فليس من شرطه إنكار ذلك العلم (5)
(1) طبقات الأرض (2) وظائف الأعضاء (3) التشريح الدقيق (4) المكروبات أو الجراثيم
(5) بقي في حافظتي أنني رأيت للشافعي ما نصه : العلم على قسمين علم الأبدان وعلم الأديان فعلم الأبدان مقدم على علم الأديان .
صفحة ٢٦