ذلك في كتابه فقال: (1) وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا، فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون * وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون، وقال عز وجل: (2) نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى.
ولو كان الايمان كله واحدا لا نقصان فيه ولا زيادة لم يكن لاحد فيه فضل على أحد، ولاستوت النعم فيه، ولاستوى الناس وبطل التفضيل ولكن بتمام الايمان دخل المؤمنون الجنة، وبرجحانه وبالزيادة فيه تفاضل المؤمنون في الدرجات عند الله، وبالنقصان منه دخل المقصرون النار. قال السائل قلت: وإن الايمان درجات ومنازل يتفاضل بها المؤمنون عند الله؟ قال: نعم، قال السائل: قلت صف لي كيف ذلك حتى أفهمه، قال: إن الله عز وجل سبق بين المؤمنين كما يسبق بين الخيل يوم الرهان ثم قبلهم على درجاتهم في السبق إليه، ثم جعل كل امرئ منهم على درجة سبقه لا ينقصه فيها من حقه، لا يتقدم مسبوق سابقا ولا مفضول فاضلا، فبذلك فضل أول هذه الأمة آخرها، وبذلك كان علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أفضل المؤمنين لأنه أول من آمن بالله منهم. فلو لم يكن لمن سبق إلى الايمان فضل على من تأخر للحق آخر هذه الأمة أولها، نعم، ولتقدمهم (3) كثير منهم لأنا قد نجد كثيرا من المؤمنين الآخرين من هو أكثر عملا من الأولين، أكثر منهم صلاة وأكثر منهم صوما وحجا وجهادا وإنفاقا، ولو لم تكن سوابق (4) يفضل بها المؤمنون بعضهم بعضا لكان الآخرون بكثرة العمل يقدمون (5) على الأولين ولكن أبى (6) الله جل ثناؤه أن يدرك آخر درجات الايمان أولها أو يقدم (7) فيها من أخر الله أو يؤخر فيها من قدم الله، قال:
قلت أخبرني عما ندب الله إليه المؤمنين من الاستباق إلى الايمان، قال: قال الله عز وجل: (8) سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض
صفحة ٩