[سورة الأنعام (6): آية 163]
لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين (163)
(لا شريك له) من الأصنام وغيرها (وبذلك) أي بهذا الإخلاص (أمرت) في الكتاب المنزل علي (وأنا أول المسلمين) [163] من أمتي، لأن إسلام كل نبي سابق على إسلام أمته أو أنا أول المخلصين بالثبات على الإسلام فأنا مقدمهم وإمامهم وإنهم يأتمون بي في ذلك.
[سورة الأنعام (6): آية 164]
قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون (164)
ثم قال أهل مكة للنبي عليه السلام ارجع إلى ديننا ونحن كفلاء لك بما يصيبك من الرجوع إلى ديننا وأن نحمل أوزارك فنزل «1» (قل) يا محمد إنكارا عليهم (أغير الله أبغي) أي أأطلب سوى الله (ربا وهو رب كل شيء) من خلقه وما هو سواه مربوب له، فكيف يصلح أن يكون ربا (ولا تكسب كل نفس إلا عليها) جواب لقولهم ولنحمل خطاياكم، أي وبال كسبها عليها لا على غيرها، وأكد ذلك بقوله (ولا تزر وازرة وزر أخرى) أي لا تحمل نفس حاملة حمل غيرها، والتاء في «وازرة» لتأنيث النفس، وأصل الوزر الثقل (ثم إلى ربكم مرجعكم) أي مصيركم في الآخرة (فينبئكم) أي فيخبركم (بما كنتم فيه تختلفون) [164] من الدين فيتبين لكم الحق من الباطل.
[سورة الأنعام (6): آية 165]
وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم (165)
(وهو الذي جعلكم خلائف الأرض) أي خلقكم وجعلكم سكان الأرض نيابة على الأمم قبلكم، لأن النبي عليه السلام وأمته خلفوا جميع من مضوا قبلهم بأن سكنوها بعد إهلاكهم الله تعالى (ورفع بعضكم فوق بعض درجات) أي فضل بعضكم على بعض بالخلق والخلق والدين والعلم والرزق والمال (ليبلوكم) أي ليخبركم (في ما آتاكم) من الغنا وطلب الشكر ومن الفقر وطلب الصبر، يعني يبتليكم ليظهر لكم من يطيع ومن يعصي، ثم هدد عباده العاصي «2» بالخطاب إلى النبي عليه السلام (إن ربك سريع العقاب) أي قريبة للعاصي «3»، لأن كل ما هو آت فهو قريب (وإنه لغفور رحيم) [165] لمن آمن وتاب عن الذنوب وعمل عملا صالحا، وقيل: «سريع العقاب» لمن لم يحفظ عهد الله فيما أعطاه من فضله وترك حقه فيه «4»، «غفور رحيم» لمن أطاعه في كل حال من الفارقة والغنا بعد التوبة «5»، قال عليه السلام: «من قرأ سورة الأنعام صلى عليه واستغفر له أولئك السبعون ألف ملك بعدد كل آية من سورة الأنعام يوما وليلة» «6».
صفحة ٤٩