إلى آخره جزاء الشرط من حيث المعنى الذي هو معللة وذلك الصبر معهن، يعني فاصبروا معهن «1»، فلعل كراهيتهم لهن مع الصبر عليهن «2» أولى لكم وأصلح (ويجعل الله فيه) أي في الصبر معهن (خيرا كثيرا) [19] أي ولدا صالحا وألفة ومحبة وصلاحا في الدين.
[سورة النساء (4): آية 20]
وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا (20)
قوله «3» (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج) من الزوجات، نزل فيمن كان إذا رأى امرأة فأعجبته وأراد أن يتزوجها طلق امرأته التي تحته ليستبدلها بها «4»، فقال تعالى إذا أردتم ذلك (وآتيتم إحداهن قنطارا) أي مالا عظيما من المهر، قيل «5»: القنطار سبعون ألف دينار «6» أو ثمانون ألف من ورق «7» (فلا تأخذوا منه) أي من القنطار (شيئا) إذا لم يكن النشوز من قبلها، ثم قال تشنيعا للأخذ (أتأخذونه) أي شيئا منه (بهتانا) مفعول له، أي للظلم العظيم أو حال، أي باهتين فيه، والبهتان أن يقذف الشخص بقبيح فبهت لذلك، أي يتحير من قبحه (وإثما مبينا) [20] أي للذنب الظاهر أو آثمين عيانا «8».
[سورة النساء (4): آية 21]
وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا (21)
ثم استفهم على سبيل الإنكار والتعجيب بقوله (وكيف تأخذونه) أي كيف تستحلون أخذه (وقد أفضى) أي خلا (بعضكم إلى بعض) أي مع بعض في لحاف واحد، والواو للحال، وهو كناية من الجماع، قيل:
«الإفضاء أن يخلو الرجل والمرأة إن جامعها أو لم يجامعها فقد وجب كمال المهر والعدة» «9» (وأخذن منكم ميثاقا غليظا) [21] أي عهدا شديدا بالإفضاء أو الميثاق قول الولي زوجتكها على ما أخذ الله للنساء على الرجال عهدا وثيقا بقوله «فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان» «10»، فصار ذلك ميثاقا غليظا من النساء.
[سورة النساء (4): آية 22]
ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا (22)
قوله (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) نزل نهيا عن «11» نكاح نساء الآباء «12»، و«ما» بمعنى من الموصولة، و«من النساء» بيان لها، أي لا تتزوجوا من تزوج آباؤكم من النساء ثم طلقها أو مات عنها (إلا ما قد سلف) استثناء متصل، أي إلا بالنكاح الذي عقده آباؤكم بعينه من قبلكم فانكحوا به إن أمكنكم أن تنكحوه، وذلك غير ممكن، والغرض المبالغة في تحريمه، لأنه من باب تعليق المحال في التأييد أو استثناء منقطع و«إلا» بمعنى لكن وتكون «13» الجملة مستأنفة، أي لا تفعلوا ذلك لكن ما مضى من فعلكم كذلك معفو عنه، واتقوا على أن زوجة الأب تحرم على الابن بمجرد العقد لظاهر «14» الآية، واختلفوا في المرأة التي وطأها الأب على وجه الزنا، منهم من حرمه «15» ومنهم من جوزه (إنه) أي نكاح من نكح آباؤكم (كان فاحشة) أي معصية شديدة (ومقتا) أي بغضا من الله (وساء سبيلا) [22] أي بئس الطريق في الدين.
[سورة النساء (4): آية 23]
حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما (23)
صفحة ٢٠٤