أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (١) . وإن من نعم الله ﷿ على هذه الأمة، أن بعث إليها رسول الهدى، خاتم الأنبياء والمرسلين محمدًا صلوات الله وسلامه عليه، الذي أدى الأمانة، ونصح الأمة، وتركهم على محجة بيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.
ثم إنه ﷾ يقيض لهذا الدين -في كل عصر- طائفة من علماء أهل السنة، دعاة مخلصين، هم ورثة الأنبياء يقومون بالدعوة إلى الله، ويناضلون من أجل نشر الإسلام، وإحياء ما اندرس من سنة المصطفى ﵇ ويقفون في وجه أعداء الملة؛ من الملحدين والحاقدين، يردون على شبهاتهم، ويفندون شبههم، ويبطلون زيفهم. ومنهم المجددون لأمر هذا الدين؛ الذين أشار إليهم رسول الله ﷺ بقوله: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها» (٢) .
وكان من بين أولئك الأعلام، الشيخ محمد بن عبد الوهاب ﵀ مجدد القرن الثاني عشر، الذي أحيا في نفوس العباد كلمة التوحيد، وسنة رسول الله ﷺ.
_________
(١) قوله: "أما بعد: فإن خير الحديث ... " أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، انظر صحيح مسلم، بشرح النووي، ٦/٤٠٣، ط/،١ ١٤٠٧هـ، دار القلم، بيروت، بتحقيق لجنة من العلماء نشر مكتبة المعارف بالرياض.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه، ٤/٤٨٠، الملاحم، باب ما يذكر في قرن المائة. والحاكم في المستدرك ٤/٥٢٢، وسكت عليه، وكذلك الذهبي. ذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، ٢/١٥٠-١٥١. وقال: (... والسند صحيح، ورجاله ثقات رجال مسلم ... ولا يعل الحديث قول أبي داود عقبة، رواه عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني لم يجز به شراحيل، وذلك لأن سعد بن أبي أيوب ثقة ثبت كما في (التقريب) وقد وصله وأسنده، فهي زيادة من ثقة، يجب قبولها) .
1 / 8