وأيضًا قوله - تعالى -: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾، فتقديره عند أهل اللغة: فاغسلوا للصلاة، فمتى غسل لتنظيف أو تبرد ولم يغسل للصلاة لم يفعل المأمور به، ومثال هذا: قوله -تعالى -: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا﴾، ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾، فكل هذا جزاء؛ لأنَّه جواب الشرط بالفاء، وإنَّما يقطع لأنه سرق، ويجلد لأنه زنى، وكذلك قوله: ﴿وإن كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾، وإنَّما وجبت الطهارة لنه جنب، لا للنظافة والتبرد.
فإن قيل: فنحن نقول: إذا غسل بعد القيام للصلاة، فما الدليل على أنه يحتاج إلى النية؟ ألا ترى إذا قال لعبده: إذا خرج زيدٌ الدار فأعطه درهمًا، فأعطاه عند دخوله، فليس يحتاج الغلام أن ينوي، فكذلك هذا.
قيل: لم تحصلوا علينا ما قررنا؛ لأنَّه إذا ثبت أن عليه أن يغسل وجهه للصلاة، فمتى غسل للتبرد أو التنظيف فلم يغسل للصلاة، وَوِزانُ هذا من مسألتنا: أنَّ العبد المأمور لو أعطاه درهما من متاجره، أو بنية عن نفسه لم يكن قد فعل المأمور به؛ لأن إعطاءه إياه لم يوجبه دخول الدار.
1 / 105