وبينه وبينه سبعة حجب؛ فما زال يرفعها حجابًا فحجابًا لحسن ما يسمع من شعره حتى لم يبق بينهما حجاب، ثم أدناه وقربه، وأمثاله كثير.
ومن المخضرمين حسان بن ثابت ﵀، لم تكن له ماتة ولا سابقة في الجاهلية والإسلام إلا شعره، وقد بلغ من رضا الله ﷿ ورضا نبيه ﵊ ما أورثه الجنة.
ومن الفحول المتأخرين الأخطل واسمه غياث بن غوث، وكان نصرانيًا من تغلب بلغت به الحال في الشعر إلى أن نادم عبد الملك بن مروان، وأركبه ظهر جرير بن عطية بن الخطفي، وهو تقي مسلم، وقيل: أمره بذلك بسبب شعر فاخره فيه بين يديه وطول لسانه، حتى قال مجاهرًا: لعنة الله عليه، لا يستتر في الطعن على الدين والاستخفاف بالمسلمين:
ولست بصائم رمضان طوعًا ... ولست بآكل لحم الأضاحي
ولست بزاجر عنسًا بكورًا ... إلى بطحاء مكة للنجاح
ولست مناديًا أبدًا بليل ... كمثل العير " حي على الفلاح "
ولكني سأشربها شمولًا ... وأسجد قبل منبلج الصباح
وهذه غاية عظيمة ومنزلة غريبة حملت من المسامحة في الدين على مثل ما نسمع والملوك ملوك بزعمهم. وهجا الأنصار ليزيد بمن معاوية، لما شبب عبد الرحمن بن حسان بن ثابت بعمته فاطمة بنت أبي سفيان وقيل: بل بأخته هند بنت معاوية قيل: ولولا شعره لقتل دون أقل من ذلك.. وقد رد على جرير أقبح رد، وتناول من أعراض المسلمين وأشرافهم، ما لا ينجو مع مثله علوي، فضلًا عن نصراني.
ومن المحدثين أبو نواس، كان نديمًا للأمين محمد بن زبيدة طول خلافته..
1 / 44