186

العمدة في محاسن الشعر وآدابه

محقق

محمد محيي الدين عبد الحميد

الناشر

دار الجيل

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م

طراز لا تحسنه، فقال له بشار: ألمثلي يقال هذا الكلام؟ أنا والله أرجز منك ومن أبيك ومن جدك، ثم غدا على عقبة بن سلم بأرجوزته التي أولها:
يا طلل الحي بذات الصمد ... بالله خبر كيف كنت بعدي
فضح بها ابن رؤبة فضيحة ظاهرة كان غنيًا عنها..
وكان في البحتري إعجاب شديد، إذ أنشد يقول: ما لكم لا تعجبون؟ أما حسن ما تسمعون؟ فأنشد المتوكل يومًا قصيدته التي أولها:
عن أي ثغر تبتسم ... وبأي طرف تحتكم؟
وأبو العباس الصيمري حاضر، فلما رأى إعجابه قام حذاءه فقال:
من أي سلح تلتقم؟ ... وبأي كف تلتطم؟
ذقن الوليد البحتري ... أبي عبادة في الرحم
فولى البحتري وهو غضبان، فقال: وعلمت أنك تنهزم فضحك المتوكل حتى فحص برجليه، وأعطى الصيمري جائزة سنية.
باب عمل الشعر وشحذ القريحة
لا بد للشاعر وإن كان فحلًا، حاذقًا، مبرزًا، مقدمًا من فترة تعرض له في بعض الأوقات: إما لشغل يسير، أو موت قريحة، أو نبو طبع في تلك الساعة أو ذلك الحين. وقد كان الفرزدق وهو فحل مضر في زمانه يقول: تمر علي الساعة وقلع ضرس من أضراسي أهون علي من عمل بيت من الشعر. فإذا تمادى ذلك على الشاعر قيل: أصفى وأفصى، كما يقال: أفصت الدجاجة

1 / 204