148

العمدة في محاسن الشعر وآدابه

محقق

محمد محيي الدين عبد الحميد

الناشر

دار الجيل

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م

باب القافية، والجمهور الأول من العلماء على خلاف رأي أبي عبيدة في الإقواء. وأما الإكفاء فهو الإقواء بعينه عند جلة العلماء: كأبي عمرو بن العلاء، والخليل بن أحمد، ويونس بن حبيب، وهو قول أحمد بن يحيى ثعلب، وأصله من أكفأت الإناء إذا قلبته، كأنك جعلت الكسرة مع الضمة وهي ضدها، وقيل: من مخالفة الكفوة صواحبها، وهي النسيجة من نسائج الخباء تكون في مؤخره، فيقال: بيت مكفأ، تشبيهًا بالبيت المكفأ من المساكن إذ كان مشبهًا به في كل أحواله.. قال الأخفش البصري: الإكفاء القلب، وقال الزجاجي وابن دريد: كفأت الإناء إذا قلبته، وأكفأته إذا أملته، كأن الشاعر أمال فمه بالضمة فصيرها كسرة، إلا أن ابن دريد رواهما أيضًا بمعنى قلبته شاذًا، وقيل: بل من المخالفة في البناء والكلام، يقال أكفأ الباني إذا خالف في بنائه، وأكفأ الرجل في كلامه إذا خالف نظمه فأفسده، قال ذو الرمة: ودوية قفر ترى وجه ركبها ... إذا ما علوها مكفأ غير ساجع وقال المفضل الضبي: الإكفاء اختلاف الحروف في الروي، وهو قول محمد بن يزيد المبرد، وأنشد: قبحت من سالفة ومن صدغ ... كأنها كشية ضب في صقع فأتى بالعين مع الغين، واشتقاقه عنده من المماثلة بين الشيئين، كقولك فلان كفء فلان، أي: مثله، قال: ومنه كافأت الرجل، كأن الشاعر جعل حرفًا مكان حرف، والناس اليوم في الإكفاء على رأي المفضل، وهو عيب لا يجوز أيضًا لمحدث، ولا يكون إلا فيما تقارب من الحروف، وإلا فهو غلط بالجملة، هذا رأي الأخفش سعيد بن مسعدة، والخليل يسمي هذا النوع: الإجازة. قال الفراء: الإجازة في قول الخليل: أن تكون القافية طاء والأخرى

1 / 166