الاتصال والانقطاع
الناشر
مكتبة الرشد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
وأشدُّ خفاء من حكاية قصة للشخص بصيغة (أن) هو حكايتها بصيغة (عن)، فيقول الراوي: عن فلان أنه فعل كذا، إذ ظاهر هذا أنه يروي عنه، ويسند سرد الحكاية إليه، إذ الغالب في (عن) أنها تستخدم في الرواية عن الشخص، ولذلك استوجب التنبيه هنا إلى أن بعض الرواة ربما استخدمها أيضًا لا بقصد الرواية عن الشخص، وإنما بغرض حكاية قصته، وقد نص على صنيعهم هذا جماعة من الحفاظ، كسليمان بن حرب، وأحمد، وموسى، ويزيد بن هارون، والإسماعيلي وغيرهم (^١).
والذي يصنع هذا - فيما يظهر - هو أحد رواة الإسناد بعد راوي القصة، فكما أنهم استبدلوا بصيغ الرواية الأخرى الصريحة كحدثنا وسمعت، أو أخبرت عن فلان، وغير الصريحة كقال وذكر صيغة عن - كما تقدم هذا في المبحث الأول - استبدلوا أيضًا بالصيغ التي قصد بها حكاية قصة عن الشخص بصيغة (عن)، وأسندوها إلى صاحب القصة.
ولا شك أن استبدال صيغة رواية بصيغة رواية أخرى أمر مقبول، إما أن تستبدل بصيغة حكاية قصة للشخص صيغة رواية عنه ويُسند ذلك إليه ففيه ما فيه، ولذا وصفه أحمد بأنهم كانوا يتساهلون فيه، كما سيأتي قريبًا عنه، ووصفه ابن رجب بأنه "يقع ذلك منهم أحيانًا على وجه التسامح وعدم التحرير" (^٢).
وربما عبر بعض الأئمة عن هذا بأنه خطأ أو وهم، أو بأن الأصح جعله
_________
(^١). انظر: "شرح علل الترمذي" ٢: ٦٠٣، ٦٠٤، و"النكت على كتاب ابن الصلاح" ٢: ٥٩٠، و"فتح المغيث" ١: ١٩٤.
(^٢). "شرح علل الترمذي" ٢: ٦٠٤.
1 / 36