شروط الدعاء وموانع الإجابة في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ (١)، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث، أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا ربِّ! يا ربِّ! ومطعمُهُ حرامٌ، ومشربُهُ حرامٌ، وملبسُهُ حرامٌ، وغُذِّيَ بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك» (٢)، وقد قيل كما ذكر ابن رجب ‘ في معنى هذا الحديث: إن اللَّه لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيبًا طاهرًا من المفسدات كلها: كالرياء، والعجب، ولا من الأموال إلا ما كان طيبًا حلالًا؛ فإن الطيب توصف به الأعمال، والأقوال، والاعتقادات (٣)، والمراد بهذا أن الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات، والابتعاد عن الخبائث والمحرمات، ثم ذكر في آخر الحديث استبعاد قبول الدعاء مع التوسع في المحرمات: أكلًا، وشربًا، ولبسًا، وتغذيةً، ولهذا كان الصحابة، والصالحون يحرصون أشد الحرص على أن يأكلوا من الحلال، ويبتعدوا عن الحرام، فعن عائشة ’ قالت: «كان لأبي بكر غلامٌ يُخرج له الخراجَ، وكان أبو بكر يأكل من خراجه (٤)، فجاء يومًا بشيء، فأكله أبو بكر، فقال له الغلام: أتدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنتُ تكهَّنتُ لإنسانٍ في الجاهلية، وما أُحسِنُ الكِهانةَ، إلا أني خَدعتُهُ
_________
(١) سورة البقرة، الآية: ١٧٢.
(٢) مسلم، برقم ١٠١٥.
(٣) جامع العلوم والحكم، ١/ ٢٥٩.
(٤) أي يأتيه بما يكسبه، والخراج ما يقرره السيد على عبده من مال يحضره له من كسبه. الفتح، ٧/ ١٥٤.
1 / 28