مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه

محمد بن علي بن آدم الأثيوبي ت. 1442 هجري
72

مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه

الناشر

دار المغني

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

تصانيف

[النساء: ١٧٦]، وحينئذ فلا حاجة إلى السؤال عن شيء، ولا سيما قبل وقوعه، والحاجة إليه، وإنما الحاجة المهمة إلى فهم ما أخبر الله تعالى به ورسوله ﷺ، ثم اتباع ذلك، والعمل به. وقد كان النبي ﷺ يسأل عن المسائل، فيحيل على القرآن، كما سأله عمر عن الكلالة، فقال: "يكفيك آية الصيف". وأشار رسول الله ﷺ في هذا الحديث إلى أن في الاشتغال بامتثال أمره، واجتناب نهيه، شغلا عن المسائل، فقال: "إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"، فالذي يتعين على المسلم الاعتناء به والاهتمام أن يبحث عما جاء عن الله تعالى ورسوله ﷺ، ثم يجتهد في فهم ذلك، والوقوف على معانيه، ثم يشتغل بالتصديق بذلك، إن كان من الأمور العلمية، وإن كان من الأمور العملية بذل وسعه في الاجتهاد، في فعل ما يستطيعه من الأوامر، واجتناب ما ينهى عنه، فتكون همته مصروفة بالكلية إلى ذلك، لا إلى غيره، وهكذا كان حال أصحاب النبي ﷺ، والتابعين لهم بإحسان في طلب العلم النافع، من الكتاب والسنة، فأما إن كانت همة السامع مصروفة عند سماع الأمر والنهي، إلى فرض أمور قد تقع، وقد لا تقع، فإن هذا مما يدخل في النهي، ويثبط عن الجد في متابعة الأمر. وقد سأل رجل ابن عمر عن استلام الحجر، فقال له: رأيت النبي ﷺ يستلمه ويقبله، فقال له الرجل: أرأيت إن غُلبت عنه، أرأيت إن زُوحمت؟ فقال له ابن عمر: اجعل أرأيت باليمن، رأيت رسول الله ﷺ يستلمه ويقبله. أخرجه الترمذي. ومراد ابن عمر أن لا يكون لك هَمٌّ إلا في الاقتداء بالنبي ﷺ، ولا حاجة إلى فرض العجز عن ذلك، أو تعسره قبل وقوعه، فإنه يفتر العزم على التصميم عن المتابعة، فإن التفقه في الدين، والسؤال عن العلم، إنما يحمد إذا كان للعمل، لا للمراء والجدال. وقد رُوي عن علي ﵁ أنه ذكر فتنا تكون في آخر الزمان، فقال له عمر: متى ذلك

1 / 72