مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه

محمد بن علي بن آدم الأثيوبي ت. 1442 هجري
71

مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه

الناشر

دار المغني

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

تصانيف

عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ [المائدة: ١٠١]، قال: فكنا قد كرهنا كثيرا من مسألته، واتقينا ذلك حين أنزل الله على نبيه ﷺ، قال: فأتينا أعرابيا فرشوناه بُرْدًا، ثم قلنا له: سل النبي ﷺ، وذكر حديثا. وفي "مسند أبي يعلى" عن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما قال: إن كان لتأتي عليّ السنة أريد أن أسأل رسول الله ﷺ عن شيء فأتهيب منه وإن كنا لنتمنى الأعراب وفي مسند البزار عن ابن عباس ﵄، قال: ما رأيت قوما خيرا من أصحاب محمد ﷺ، ما سألوه إلا عن اثنتي عشرة مسألة، كلها في القرآن ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾ [البقرة: ٢١٩]، ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ٢١٧] ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ﴾ [البقرة: ١٨٩]، ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى﴾ [البقرة: ٢٢٠]، وذكر الحديث. وقد كان أصحاب النبي ﷺ أحيانا يسألونه عن حكم حوادث، قبل وقوعها، لكن للعمل بها عند وقوعها، كما قالوا له: إنا لاقوا العدو غدا، وليس معنا مدى، أفنذبح بالقصب، وسألوه عن الأمراء الذين أخبر عنهم بعده، وعن طاعتهم وقتالهم، وسأله حذيفة عن الفتن، وما يصنع فيها. فهذا الحديث، وهو قوله ﷺ: "ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم" يدل على كراهة المسائل وذمها، ولكن بعض الناس يزعم أن ذلك كان مختصا بزمن النبي ﷺ لما يُخشى حينئذ من تحريم ما لم يحرم، أو إيجاب ما يشق القيام به، وهذا قد أمن بعد وفاته ﷺ. ولكن ليس هذا وحده هو سبب كراهة المسائل، بل له سبب آخر، وهو الذي أشار إليه ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في كلامه الذي ذكرنا بقوله: "ولكن انتظروا فإذا نزل القرآن، فإنكم لا تسألون عن شيء إلا وجدتم تبيانه". ومعنى هذل أن جميع ما يحتاج إليه المسلمون في دينهم، لا بد أن يبينه الله في كتابه العزيز، ويبلغ ذلك رسوله ﷺ عنه، فلا حاجة بعد هذا لأحد في السؤال، فإن الله تعالى أعلم بمصالح عباده منهم، فما كان فيه هدايتهم ونفعهم، فإن الله تعالى لا بد أن يبينه لهم ابتداء من غير سؤال، كما قال تعالى: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ الآية

1 / 71