45

الوصايا الجلية للاستفادة من الدروس العلمية

الناشر

وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٣هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

لدابَّتِي، وفِراشٍ ولِحافٍ، فجعَلْتُ أَتَقَلَّبُ الليلَ أجمعَ، ما أصْنَعُ بهذه الكُتُبِ؟ إذْ رأيْتُ هذا النعتَ في هذا الرجلِ، فرأيتُ أكرَمَ رجلٍ، فقلت: أَرْمي بهذه الكتبِ.
فلما أَصْبحْتُ قلتُ للغلام: أسْرِجْ، فأسْرَجَ، فَرَكِبْتُ ومررتُ عليه وقلتُ له: إذا قَدِمْتَ مكةَ، ومررتَ بذِي طُوًى (١) فسلْ عن منْزلِ محمدِ بنِ إدريسَ الشافعيِّ.
فقال لي الرجلُ: أَمَوْلًى لأبيكَ أنا؟! قلتُ: لا.
قالَ: فهلْ كانتْ لك عندي نِعْمَةٌ؟! فقلتُ: لا.
فقال: أينَ ما تَكَلَّفْتُ لك البارحةَ؟ .
قلت: وما هُوَ؟
قال: اشتريتُ لك طعامًا بدِرْهَمَيْنِ، وإدامًا بكذا، وعِطْرًا بثلاثةِ دراهِمَ وعَلَفًا لدابَّتِكَ. وكِراءُ الفِرَاشِ واللِّحافِ دِرهمانِ.
قال: قلتُ: يا غُلامُ، أعطِهِ. فَهَلْ بقي من شيءٍ؟
قال: كِراءُ المنْزلِ، فإنِّي وسَّعْتُ عليك وضَيَّقْتُ على نفسي.
(قال الشافعيُّ) فَغَبَطْتُ نفسي بتلكَ الكُتُبِ.
فقلتُ له بعد ذلك: هل بَقِيَ من شيءٍ؟

(١) قال في " المصباح المنير ": " هو وادٍ بقرب مكة. . ويعرف في وقتنا بالزاهر. . ".

1 / 51