يَسْتَجِيبُ لهُ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ﴾ (الأحقاف:٥) ﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (الأنعام:٤٠) .
فلم يزل رحمه الله تعالى يدعو إلى منهاج الهدى، ويجادل بالتي هي أحسن أهل الردى ويتلو عليهم ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ (الجن:١٨) ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ (الجاثية: من الآية ٦) (فأبى) (١) قومه عن ذلك وصدوا، وعارضوه بالباطل وردوا، واجتهدوا في عداوته والبطش به وجدوا، وقالوا ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾ (الزخرف: من الآية ٢٢) فحاق بهم ما كانوا به يمكرون ﴿أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ﴾ (الزخرف:٧٩) بل أخرجوه من الديار، وحكموا بأنه من الخوارج والكفار، ولم يكن لهم بالذكر الحكيم اعتبار ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ﴾ (يّس:٩) فخسر الخسران المبين من أعرض عن التوحيد والدين، وباء باعذاب المهين ﴿وَمَنْ أَظْلمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ﴾ (السجدة:٢٢) فأووه وعزَّروه وكانوا له أنصارًا، من سبقت لهم السعادة والشرف والفخار، وكتب لهم التمكين والظهور على الأعداء والانتصار، والاستخلاف والاستيلاء على ممالك الملوك الذين يحاربون ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَليْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلبُونَ﴾ (لأنفال: من الآية ٣٦) .
وذلك أنه لما أخرج من البلاد ليقضي الله أمره الذي لا دافع له ولا راد، وينيل من ساعده الإسعاد، ويبدلهم السعة والنعمة بعد الضيق
_________
(١) في المخطوط (فأبوا) ما أثبته.
1 / 25