مُهْتَدُونَ﴾ (الأعراف: من الآية ٣٠) فشرح الله صدر من وفّقه للإسلام وهداه، وأبان له سنن رشده وهداه، وأوضح له سبيل الهدى، فقام ممتثلًا لأمر مولاه؛ شكرا لما منحه من العلم وأولاه، منكرا على من كانوا بربهم يشركون، ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ﴾ (البقرة:١٥٩) .
وهو شيخ المسلمين، وقدوة الموحدين، وغرَّة العلماء العاملين (الشيخ محمد بن عبد الوهاب)، الذي أزال الله تعالى به ظلام الشرك والشكِّ والارتياب، وأزاح به من ركام الباطل كل سحاب، وكشف عن الدين الحقِّ كثيف الحجاب، بعدما انقطعت دونه الأسباب، وسد عن التوصل إليه كل باب، وواراه الافتراق والشِّقاق في التراب، ونودي على التوحيد بالغربة والاغتراب، جعله الله تعالى من عباده الذين يوم القيامة ينادون ﴿يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَليْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ﴾ (الزخرف:٦٨-٧٠) . ذلك أنه لما أشرقت له من الهداية أنوارها، ولمعت له من الآيات المحكمات أسرارها، وتجلى له من العناية صبحها وأسفارها، ورأى أكثر الناس وما يعتقدون، وما يتخذون من الأرباب دونه ويبغون، ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَليْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ (الأنعام:١٦٤) .
شمَّر عن ساعد الجد إذ لم يجد بدًّا، وأعلن بتكفير من جعل من دون ربه ندًاّ، وقام بإخلاص الدعوة وقال: ﴿لقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا﴾ (مريم:٨٩) ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ (مريم:٩٣) والذين تدعون من دون الله لا يستجيبون، ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا
1 / 24