قلت: والتحقيق أنه إذا كفر أو فسق بطلت إمامته وصار الكفر أو الفسق مانعا منها، فإذا تاب زال الكفر والفسق ولم يصر إماما إلا بثبوت طريق الإمامة وحصولها، وتجددها بأن يجدد الدعاء إلى الله تعالى عند معتبري الدعوة، أو بأن يجدد نصبه واختياره والعقد له عند معتبري العقد، وهذا هو مذهب المتقدمين من أئمة العترة أنه يجب تجديد الدعوة بعد التوبة كما يجب ابتداء، وحكى في (الانتصار) عن القاسمية: إنه يعود إلى الإمامة بمجرد التوبة من غير تجديد الدعوة وهو كمذهب المعتزلة والفقهاء في عود إمامته من غير تجديد العقد والاختيار.
ووجه ذلك بأنه إنما كان إماما لحصوله على الصفات المعتبرة في حقه، فإذا فسق زالت الولاية وما يجب له، فإذا تاب عاد على ما كان عليه من الصفات المعتبرة الموجبة لإمامته وهذا الوجه ضعيف، وهو احتجاج بنفس ما ذهبوا إليه من غير زيادة، وما مثله إلا مثل رجل كان يملك شيئا فأزال ملكه ثم ندم على السبب المزيل للملك، فكما لا يعود إلى ملكه إلا بتمليك جديد كذلك حكم مسئلتنا هذه، وقد أسند مذهبهم بأن في تجديد العقد مشقة وإظهارا للوحشة وخطأ من الدرجة والمثولة ومتبعا للأمر، وذلك خلاف للمشروع وهو إسناد لا تعويل عليه، وليس مثل ذلك يمنع من الرجوع إلى القواعد المعتبرة ولا تجديد العقد له أو تجديد الدعوة بأشنع من ارتكابه ظهر الفسوق بظهور ذلك في حقه، وانتصر الإمام يحيى بن حمزة -عليه الصلاة والسلام- بعدم الافتقار إلى تجديد الدعوة عند معتبريها، بأنه إنما صار إماما لكماله وإحرازه شرائطها.
صفحة ١٠١