وأعلم أن الفسق (ينقسم) إلى باطن وظاهر، قال المهدي: فإن كان باطنا لم ينحل به عقد الإمامة، قال: لأنه قد جاز العقد لمن يجوز أن يكون باطنه الفسق وكذلك إذا حدث ولم يعلموه.
قلت: هذا الكلام قلق فإن أراد أن الذي فسق باطنا، إمامته صحيحة غير باطلة ولا ذاهبة حقيقة، وفي نفس الأمر نجيب إلى أنه بنفسه يجوز له أن يورد ويصدر ويتصرف، كما لو لم يكن كذلك فهذا بعيد، وما (هو) حينئذ إلا ظالم مريد جمع إلى فسقه المبطل لحقه التصرفات العظيمة الذي هو الآن ليس من أهلها ولا بمحل لها.
وإن أراد أنه بعد ذلك باق على الإمامة في ظاهر الأمر وفي حق الأمة بحيث أنه لا جناح عليهم في طاعته ومتابعته والتزام أوامره ونواهيه، إذ ليسوا متعبدين بما غاب عنهم، فهذا صحيح لا نزاع فيه، إلا أنه لا يعد مثبتا لإمامته ومانعا من بطلانها في نفس الأمر كما في من عقد له والظاهر العدالة وهو في الباطن فاسق.
قال الراوي: إذا كانت معصيته سرا لم يطلع عليها، فلا تعود إمامته إلا بتجديد العقد عند القائلين به، لكن ليس عليه أن يطلعهم على فسقه وبطلان إمامته بل القصد تجديد العقد، ولو أوهم أنه أراد بتجديده الاحتياط والتأكيد، بل لا يجوز أن يخبرهم بأنه عصا، وعلى القول بأن المعتبر هو الدعوة فإنه إذا تاب من تلك المعصية الباطنة تعود إمامته حيث كان باقيا على التجرد للقيام بأمر الأمة.
صفحة ٩٩