داون، 5 يونيو [1860]
عزيزي هوكر
أجد سرورا كبيرا في كتابة الخطابات إليك؛ إذ ليس لدي من أتحدث إليه عن مثل هذه المسائل التي نتراسل بشأنها. لكني أتوسل إليك بكل جدية ألا تراسلني إلا إذا كنت راغبا في ذلك؛ لأن حال كل منا مختلفة تماما عن حال الآخر؛ فأنت شديد الانشغال وتلتقي بأناس كثيرين ...
هل رأيت المقال المسيء الذي كتبه ... عني؟ ... إنه يتفوق حتى على مقال «نورث بريتيش» ومقال «إدنبرة» في سوء الفهم والتحريف. لم أشهد في حياتي ما هو أكثر جورا مما فعله في مناقشة مسألة خلايا النحل حين تجاهل حالة نحل ميليبونا، الذي يبني أقراص عسل تكاد تكون وسيطة بالضبط بين ما يبنيه نحل الخليات وما يبنيه النحل الطنان. ما الذي فعله ... حتى يشعر بأنه أفضل للغاية منا كلنا، نحن علماء التاريخ الطبيعي الحقراء وكل الاقتصاديين السياسيين، بمن فيهم ذاك الفيلسوف العظيم مالتوس؟ ومع ذلك، فهذا المقال النقدي وخطاب هارفي أقنعاني بأني شارح سيئ جدا بكل تأكيد. فلا هذا ولا ذلك يفهم حقيقة ما قصدته بالانتقاء الطبيعي. أميل إلى التخلي عن المحاولة لأنني أراها ميئوسا منها. يبدو أن أولئك الذين لا يفهمون لا يمكن إفهامهم.
بالمناسبة، أظن أننا نتفق تماما، باستثناء أنني ربما أستخدم مصطلحات أقوى من اللازم في حديثي عن الانتقاء. أتفق معك تماما، بل أكاد أذهب إلى حد أبعد مما تذهب إليه عندما قلت إن المناخ (أي القابلية للتباين بسبب كل الأسباب المجهولة) «وصيفة نشطة تؤثر في سيدتها تأثيرا مهما للغاية.» الواقع أنني لم ألمح قط إلى أن الانتقاء الطبيعي هو «السبب الفعال الغالب إلى حد يقصي السبب الآخر»؛ أي القابلية للتباين بسبب المناخ، وغير ذلك. فمصطلح «الانتقاء» نفسه يشير ضمنيا إلى أن شيئا ما؛ أي التباين أو الاختلاف، ينتقى ...
ما هي حال تقدم كتابك (أعني مجلدك العام عن النباتات)، أرجو من الرب أن تكون أنجح مني في جعل الناس يفهمون مقصدك. ربما ينبغي أن أبدأ في رؤية أنني مخطئ تماما، وأنني كنت أحمق تماما، لكني على أي حال لا أستطيع إقناع نفسي حتى الآن بأنك أنت ولايل وهكسلي وكاربنتر وآسا جراي وواطسون، والبقية، كلكم حمقى معا. حسنا، الزمن وحده هو ما سيبين الحقيقة. إلى اللقاء ...
من تشارلز داروين إلى سي لايل
داون، 6 يونيو [1860] ... عزائي أن ... يسخر من مالتوس؛ لأن ذلك يوضح أنه، وإن كان عالم رياضيات، لا يستطيع فهم الاستدلال المنطقي الشائع. بالمناسبة، ما حدث مع مالتوس مثال محبط جدا على كيفية تحريف أوضح الحجج وإساءة فهمها على مر سنوات طويلة. لقد قرأت مقال دورية «فيوتشر»، ما أغرب أن يطرح العديد من نقادي حججا لا تستند إلى استدلال منطقي سليم كتلك القائلة إن ضروب الكلاب والقطط لا تمتزج، وأن يطرحوا العقيدة المدحوضة القديمة القائلة بالتشابهات المحددة ... لقد بدأ اليأس يراودني ويشعرني بأنني لن أنجح أبدا في جعل أغلب الناس يفهمون أفكاري. حتى هوبكنز لا يفهمها فهما تاما. بالمناسبة، سررت جدا أنه أشار إلي بنفسه. لا بد أنني شارح سيئ جدا. أرجو من الرب أن تحقق نجاحا أفضل. لقد بينت لي مقالات نقدية عديدة وخطابات عديدة، بوضوح صارخ، مدى قلة ما فهم من مقصدي. أظن أن «الانتقاء الطبيعي» كان مصطلحا سيئا، لكني أرى أن تغييره الآن سيفاقم الالتباس، ثم إنني لا أرى مصطلحا أفضل؛ فمصطلح «الحفاظ الطبيعي» لن يعني الحفاظ على ضروب معينة، وسيبدو شيئا بديهيا، ولن يضع انتقاء الإنسان وانتقاء الطبيعة ضمن منظور واحد. لا يسعني إلا أن أرجو أن أجعل المسألة أوضح في النهاية بالتفسيرات المتكررة. إذا تشعبت مخطوطتي، فأعتقد أنني سأنشر مجلدا واحدا يقتصر على مناقشة مسألة تباين الحيوانات والنباتات تحت تأثير التدجين. أريد أن أوضح أنني لست متسرعا جدا كما يظنني الكثيرون.
مع أنني سئمت للغاية من المقالات النقدية، أود أن أطالع مقال لويل
44
صفحة غير معروفة