1 - نشر كتاب «أصل الأنواع»
2 - كتاب «أصل الأنواع» (تكملة)
3 - انتشار التطور
4 - انتشار نظرية التطور
5 - نشر كتاب «تباين الحيوانات والنباتات تحت تأثير التدجين»
6 - العمل على كتاب «نشأة الإنسان»
7 - نشر كتاب «نشأة الإنسان»
8 - متفرقات، تتضمن طبعات ثانية من كتاب «الشعاب المرجانية» وكتاب «نشأة الإنسان» وكتاب «تباين الحيوانات والنباتات»
9 - متفرقات (تكملة)
10 - تلقيح الأزهار
صفحة غير معروفة
11 - نشر كتاب «تأثيرات التلقيح المتبادل والتلقيح الذاتي في المملكة النباتية»
12 - نشر كتاب «الأشكال المختلفة للزهور في نباتات من النوع نفسه»
13 - نشر كتابي «النباتات المتسلقة» و«النباتات الآكلة للحشرات»
14 - نشر كتاب «قوة الحركة في النباتات»
15 - خطابات متنوعة متعلقة بعلم النبات
16 - خاتمة
الملحق الأول
الملحق الثاني
الملحق الثالث
الملحق الرابع
صفحة غير معروفة
مصادر الصور
1 - نشر كتاب «أصل الأنواع»
2 - كتاب «أصل الأنواع» (تكملة)
3 - انتشار التطور
4 - انتشار نظرية التطور
5 - نشر كتاب «تباين الحيوانات والنباتات تحت تأثير التدجين»
6 - العمل على كتاب «نشأة الإنسان»
7 - نشر كتاب «نشأة الإنسان»
8 - متفرقات، تتضمن طبعات ثانية من كتاب «الشعاب المرجانية» وكتاب «نشأة الإنسان» وكتاب «تباين الحيوانات والنباتات»
9 - متفرقات (تكملة)
صفحة غير معروفة
10 - تلقيح الأزهار
11 - نشر كتاب «تأثيرات التلقيح المتبادل والتلقيح الذاتي في المملكة النباتية»
12 - نشر كتاب «الأشكال المختلفة للزهور في نباتات من النوع نفسه»
13 - نشر كتابي «النباتات المتسلقة» و«النباتات الآكلة للحشرات»
14 - نشر كتاب «قوة الحركة في النباتات»
15 - خطابات متنوعة متعلقة بعلم النبات
16 - خاتمة
الملحق الأول
الملحق الثاني
الملحق الثالث
صفحة غير معروفة
الملحق الرابع
مصادر الصور
تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الثاني)
تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الثاني)
تحرير
فرانسيس داروين
ترجمة
أحمد سمير درويش
مراجعة
الزهراء سامي
صفحة غير معروفة
تشارلز داروين في عام 1881. (مأخوذة من صورة فوتوغرافية من تصوير السيدين: إليوت، وفراي.)
مقتطف من مفكرة كتبها تشارلز داروين عام 1837 بخط يده قال فيها: ... أدى ذلك إلى فهم أوجه التشابه الحقيقية. ستبعث نظريتي النشاط في التشريح المقارن للحفريات والكائنات الحديثة؛ فهي سوف تؤدي إلى دراسة الغرائز والوراثة ووراثة القدرات العقلية، والكثير مما وراء الطبيعة، وسوف تؤدي إلى دراسة أكثر دقة للتهجين والتوالد ومسببات التغيير حتى نعلم مم نشأنا وإلى أين نتجه - ما الظروف المواتية للتهجين، وما الذي يمنعها - وقد يؤدي هذا، إلى جانب الفحص المباشر للتحولات المباشرة في بنية الأنواع، إلى الوصول إلى قوانين التغير؛ وهو ما سيكون الموضوع الرئيسي للدراسة، التي سترشد تخميناتنا.
الفصل الأول
نشر كتاب «أصل الأنواع»
3 أكتوبر 1859-31 ديسمبر 1859
1859 [في دفتر يوميات أبي بتاريخ 1 أكتوبر 1859، يرد الإدخال التالي: «أنهيت بروفات طباعة ملخص كتاب «أصل الأنواع» (بعدما استغرقت ثلاثة عشر شهرا وعشرة أيام)؛ طبعت من الكتاب 1250 نسخة. نشرت الطبعة الأولى في 24 نوفمبر، وبيعت النسخ كلها في اليوم الأول.»
في الثاني من أكتوبر، سافر إلى مصحة للعلاج المائي في بلدة إلكلي بالقرب من ليدز؛ حيث مكث مع أسرته حتى شهر ديسمبر، وفي التاسع من ذلك الشهر، عاد مجددا إلى داون. ولا يوجد بعد ذلك في مفكرته اليومية عن هذا العام سوى الإدخال التالي: «إبان نهاية نوفمبر وبداية ديسمبر، كنت منشغلا بالتصحيح لطرح الطبعة الثانية التي تكونت من 3000 نسخة، وبالعديد من الخطابات.»
يشير الخطاب الأول وبضعة من الخطابات التالية إلى بروفات الطباعة، وإلى باكورة نسخ كتاب «أصل الأنواع» التي أرسلت إلى بعض الأصدقاء قبل نشر الكتاب.]
من سي لايل إلى تشارلز داروين
1
صفحة غير معروفة
3 أكتوبر 1859
عزيزي داروين
لقد انتهيت حالا من كتابك، وأنا في منتهى السعادة؛ لأنني بذلت قصارى جهدي مع هوكر لإقناعك بنشره دون أن تنتظر وقتا لم يكن ليأتي أبدا على الأرجح وإن عشت مائة عام، في حين أنك أعددت بالفعل كل حقائقك التي أقمت عليها قدرا هائلا من التعميمات العظيمة.
إنه مثال رائع على الاستدلال المنطقي المقنع، وحجة متينة طويلة تمتد عبر العديد من الصفحات، صحيح أن التكثيف هائل، بل ربما يكون صعبا للغاية على غير المتخصصين، لكنه بيان تمهيدي فعال ومهم، وهذا سيسمح - حتى قبل ظهور بروفاتك التفصيلية - بإدراج بعض التوضيح المفيد بالأمثلة في بعض الحالات، كما فعلت في أمثلة الحمام وهدابيات الأرجل، التي استخدمتها ببراعة شديدة.
أعني أنه حين تطلب منك طبعة جديدة قريبا، وهو ما أتوقع حدوثه بكل تأكيد، ربما يمكنك أن تورد في الكتاب حالات فعلية لتخفيف هذا الكم الهائل من الافتراضات المجردة. بالنسبة إلي ، فأنا مستعد جدا للتسليم بصحة البيانات التي تذكرها إلى حد أنني لا أظن أن نشر «الدلائل الداعمة» سيشكل فارقا كبيرا، ولطالما كنت أرى بوضوح شديد أننا إذا أقررنا بصحة شيء ما، فسوف ينطبق الأمر نفسه على جميع ما تدعيه في صفحاتك الختامية. وهذا ما جعلني أتردد لفترة طويلة جدا؛ بسبب شعوري الدائم بأن حالة الإنسان وأعراقه هي نفسها حالة الحيوانات الأخرى، وحالة النباتات أيضا، وأننا إذا اعترفنا بوجود «سبب حقيقي» لإحداها، بدلا من سبب تخيلي مجهول تماما، مثل كلمة «الخلق»، فستنطبق النتائج نفسها على الحالات الأخرى.
ولأنني سأغادر هذا المكان الآن، يؤسفني القول إنني لا أملك وقتا للاسترسال بشأن الكثير من التعليقات، وللتعبير عن مدى إعجابي البالغ بفصل «الجزر المحيطية» و«الأعضاء الأثرية» و«علم الأجنة» و«المفتاح النسبي للنظام الطبيعي»، و«التوزيع الجغرافي»، وإذا واصلت فسوف أنسخ عناوين كل فصولك. لكني سأدلي برأي عن جزء «التلخيص»، إذا كان لا يزال ممكنا إجراء شيء من التعديل الطفيف، أو على الأقل حذف كلمة أو اثنتين في ذاك الجزء.
بادئ ذي بدء، في الصفحة رقم 480، لا يمكن بالطبع القول إن أبرز علماء التاريخ الطبيعي رفضوا الرأي القائل بأن الأنواع قابلة للتغير، أليس كذلك؟ أظنك لا تقصد تجاهل جي. سانت إيلير ولامارك! بخصوص ذلك الثاني، يمكن القول إنك تضع الانتقاء الطبيعي محل الإرادة لدى الحيوانات إلى حد كبير، لكنه لم يستطع تقديم فكرة الإرادة في نظريته عن التغيرات في النباتات؛ لا شك أنه ربما بالغ دون داع في التأكيد النسبي على تغيرات الظروف الطبيعية، فيما كان تأكيده على التغيرات المتعلقة بالكائنات المتنافسة أقل مما ينبغي. لكنه على الأقل كان مؤيدا للرأي القائل بقابلية الأنواع جميعها للتغير، ومؤيدا لوجود رابط نسبي بين الأنواع الأولى والأنواع الحالية. ثم إن المنتسبين إلى نفس مدرسته قد استشهدوا بالضروب المدجنة. (هل تقصد علماء التاريخ الطبيعي «الأحياء»؟)
2
إن الصفحة الأولى من هذا الملخص المهم للغاية تمنح الخصم أفضلية؛ وذلك بما تحمله من طرح مفاجئ وتقريبي لاعتراض صادم مثل تكون «العين» لا من خلال وسيلة تشبه العقل البشري، ولا حتى قوة تفوق العقل البشري بدرجة كبيرة للغاية، بل من خلال تباينات مستحثة كتلك التي يستفيد منها مربو الماشية. وبذلك سيستلزم الأمر صفحات عديدة لذكر الاعتراض وإزالته. وبما أنك تريد الإقناع، فسيكون من الأفضل أن تصمت عن ذلك. احذف عدة جمل، ثم اطرح المسألة بدرجة أكبر من التفصيل في طبعات مستقبلية. وبين رمي حجر العثرة هذا في طريق القارئ، وصولا إلى النمل العامل، في صفحة 460، ينبغي أن تضيف بعض الصفحات؛ وسيمنح موضوع النمل هذا القارئ فرصة للهدوء حتى يتعافى من صدمة دعوته إلى تصديق أن العين وصلت إلى الكمال بعد حالة من العمى التام أو العمى الجزئي، عبر مثل هذه التحولات التي نشهدها. أظن أن قليلا من الحذف سيقلل بشدة من إمكانية أن تثير هذه الجمل اعتراضات، هذا إن لم يكن لديك وقت لإعادة الصياغة وإضافة مزيد من التفاصيل. ... لكن هذه أمور صغيرة، مجرد بقع على الشمس. أرى أن تشبيهك للحروف التي تظل باقية في هجاء الكلمات، بينما تنتهي فائدتها في النطق، بالأعضاء الأثرية ممتاز؛ فكلاهما يتعلق بالنسب بالفعل.
إن عدم وجود طيور غير مألوفة في ماديرا يمثل إشكالية أكبر مما بدا لي عليه الأمر. أستطيع أن أستشهد بفقرات توضح فيها أن التباينات قد استحثت من الظروف الجديدة للمستعمرين الجدد؛ مما يقتضي أن تكون بعض طيور ماديرا غير مألوفة، شأنها في ذلك شأن طيور جالاباجوس. وقد كان الوقت وفيرا في حالة ماديرا وبورتو سانتو ...
صفحة غير معروفة
لقد وضعت أوراقك داخل مخطوطة قديمة؛ لذا يفرض مكتب البريد عليها رسوما إضافية، قدرها بنسان، كالخطابات، وهذا ملائم تماما. ليتهم يفرضون الرسوم نفسها على جميع المخطوطات. لقد دفعت أربعة شلنات وستة بنسات قبل بضعة أيام مقابل هراء أتاني من باريس، من رجل يستطيع إثبات وجود 300 طوفان في وادي نهر السين.
مع خالص تهاني القلبية لك على عملك العظيم.
صديقك الودود دائما
تشارلز لايل
من تشارلز داروين إلى سي لايل
إلكلي، يوركشاير،
11 أكتوبر [1859]
عزيزي لايل
أشكرك من أعماق قلبي لأنك منحتني الكثير من وقتك الثمين في كتابة الخطاب الطويل المؤرخ باليوم الثالث من الشهر، والخطاب الأطول المؤرخ باليوم الرابع. لقد كتبت خطابا قصيرا وأرسلته مع بروفة الطباعة الناقصة إلى بلدة سكاربورو. لقد اعتمدت، مع جزيل شكري، كل تصحيحاتك الصغيرة في الفصل الأخير، وطبقت التصحيحات الكبرى قدر استطاعتي، دون عناء كبير. خففت أيضا من وقع الفقرة الاستهلالية المتعلقة بمسألة العين (سأعرض في عملي الأكبر ما حدث من تدرج في بنية العين)، واكتفيت باستخدام مصطلح «الأعضاء المعقدة» فحسب. يا لك من وزير عدل رائع؛ إذ تخبر محامي أحد الطرفين بأفضل السبل للفوز بقضية! لقد كان إغفال ذكر كلمة «الأحياء» بعد علماء التاريخ الطبيعي البارزين خطأ فادحا.
بخصوص عدم وجود طيور غير مألوفة في ماديرا وبرمودا. أنت محق، ثمة حلقة ناقصة، ولم أكن أظن أن أحدا سيكتشفها، لقد ارتكبت خطأ غبيا في حذف مناقشة كنت قد كتبتها كاملة. لكن دعني ألتمس العذر لنفسي في النهاية بأن تحديد الأشياء الجديرة بالحذف كان صعبا للغاية. إن الطيور التي واجهت صعوبات في مواطنها الأصلية، حين تستقر مجتمعة في بلد جديد وفي الوقت نفسه تقريبا، لن تتعرض لكثير من التعديلات؛ لأن العلاقات المتبادلة بينها لن تضطرب بشدة. غير أنني أوافقك الرأي تماما في أنها لا بد أن تتعرض لبعض التعديلات بمرور الزمن. أعتقد أنها بقيت على حالها في ماديرا وبرمودا بسبب استمرار طيور مهاجرة من النوع نفسه لم تتغير صفاتها في الوصول من البر الرئيسي، وتهاجنها مع الطيور التي استقرت في الجزر. يمكن إثبات ذلك في برمودا، وهو مرجح جدا في ماديرا، مثلما اتضح لي من خطابات أرسلها إي في هاركورت. وعلاوة على ذلك، توجد أسباب كثيرة للاعتقاد بأن النسل الهجين للمهاجرين الجدد (أو الدم الجديد كما يقول المربون) والمستعمرين القدامى من الأنواع نفسها سيكون أشد حيوية، وستكون احتمالية بقائه على قيد الحياة أكبر؛ مما سيعزز كثيرا من أثر هذا التهاجن في إبقاء المستعمرين القدامى محتفظين بصفاتهم.
صفحة غير معروفة
بخصوص اتسام كائنات جالاباجوس بطابع أمريكي في ضوء فرضية الخلق. لا أستطيع أن أوافقك الرأي في أنه إذا كانت الأنواع قد خلقت لتتنافس مع أشكال أمريكية، كانت ستخلق ولا بد على النمط الأمريكي. لكن الحقائق تشير إلى العكس تماما. انظر إلى الأرض غير المزروعة وغير المحروثة في لابلاتا، إنها «مغطاة» بكائنات أوروبية لا تجمعها علاقة قريبة بالكائنات الأصلية. معنى هذا أنها ليست أنماطا أمريكية تغزو الكائنات الأصلية. ينطبق هذا على كل جزيرة في أنحاء العالم. من المهم جدا أن نراعي نتائج «ألفونس دي كاندول» على الدوام (وإن كان لا يرى أهميتها الكاملة)، التي تشير إلى أن [النباتات] المتوطنة تختلف للغاية في العموم عن النباتات الأصلية (التي تنتمي في جزء كبير من الحالات إلى أجناس غير أصلية). إنني متيقن تماما من أنك ستفهم أنني لذلك أكتب بطريقة افتراضية من أجل الاختصار.
بخصوص الخلق المستمر للكائنات الوحيدة الخلية. هذا الاعتقاد زائد عن الحاجة (ولا أساس له) وفقا لنظرية الانتقاء الطبيعي، التي تشير ضمنيا إلى عدم وجود نزعة «ضرورية» إلى التطور. إذا لم يحدث انحراف مفيد في بنية أي كائن وحيد الخلية، تحت ظروف حياته «البسيطة للغاية»، فربما يظل حتى يومنا هذا على حالته التي كان عليها قبل العصر السيلوري بوقت طويل، دون أي تغير. أعترف بأنه ستوجد نزعة إلى الارتقاء في تعقيد التكوين بوجه عام، لكنه سيكون طفيفا وبطيئا في الكائنات المتكيفة على الظروف البسيطة للغاية. فأنى لتكوين معقد أن يفيد كائنا وحيد الخلية؟ وإذا لم يفده، فلن يحدث ارتقاء. ولهذا لا تختلف نقعيات الحقبة الوسطى عن النقعيات الحية سوى اختلاف طفيف. قد ينجح الشكل الأصلي من الكائن الوحيد الخلية في البقاء على قيد الحياة دون أن يتغير، ويظل متكيفا على ظروفه البسيطة، في حين أن نسل هذا الكائن الوحيد الخلية قد يتكيف على ظروف أشد تعقيدا. من الممكن أن يكون النموذج الأولي البدائي لجميع الكائنات الحية والمنقرضة، على قيد الحياة الآن! إضافة إلى ذلك، فالأشكال الأرقى قد تتدنى أحيانا مثلما تقول؛ إذ «يبدو» (؟!) أن الأفعى الثعبانية العمياء لديها عادات ديدان الأرض. ولهذا يبدو لي أن فكرة الخلق الجديد للأشكال البسيطة غير ذات صلة إطلاقا. «أليس لزاما علينا أن نفترض وجود قوة قديمة بادئة مبدعة لا تتصرف بطريقة موحدة، وإلا فكيف أمكن أن يظهر الإنسان لاحقا؟» لست متيقنا من أنني أفهم ما قلته بعد الجملة المذكورة أعلاه. لا بد لنا، في ظل ما نعرفه حاليا، أن نفترض خلق شكل واحد أو بضعة أشكال بالطريقة نفسها التي يفترض بها الفلاسفة وجود قوة جذب بلا أي تفسير. لكني أرفض تماما، لأنني أرى ذلك غير ضروري على الإطلاق، أي إضافة لاحقة لأي «قدرات وسمات وقوى جديدة»، أو لأي «مبدأ تحسين»، إلا من حيث أن كل صفة من الصفات المنتقاة طبيعيا أو المحتفظ بها تمثل ميزة أو تحسينا بطريقة ما، وإلا فما كانت ستنتقى. ولو أنني كنت مقتنعا باحتياجي إلى مثل هذه الإضافات في نظرية الانتقاء الطبيعي، لرفضتها باعتبارها محض هراء، لكني أومن بصحتها؛ لأنني لا أستطيع تصديق أنها كانت ستفسر فئات بأكملها من الحقائق التي أرى، إن كنت في كامل قواي العقلية ورشدي، أنها تفسرها إذا كانت خاطئة. بقدر ما أفهمه من ملاحظاتك ورسوماتك التوضيحية، فأنت تشك في احتمالية تدرج القوى الفكرية. حسنا، يبدو لي، عند النظر إلى الحيوانات الحالية، كل على حدة، أن لدينا تدرجا دقيقا جدا في القوى الفكرية للفقاريات، مع وجود فجوة واسعة بعض الشيء (لكنها لا تضاهي نصف اتساع الفجوات في العديد من حالات البنية الجسدية) بين أحد أفراد الهوتنتوت وأحد أفراد إنسان الغاب على سبيل المثال، حتى وإن كان ذاك الفرد قد تطور عقليا بقدر ما تطور الكلب عقليا من الذئب. أفترض أنك لا تشك في أن القدرات الفكرية مهمة لرفاهية كل كائن قدر أهمية البنية الجسدية؛ وإن صح ذلك، فلا أرى صعوبة في أن ينتقى الأفراد ذوو القدرات الفكرية العليا في أحد الأنواع باستمرار، وبذلك تتحسن القدرات الفكرية للأنواع الجديدة، ويساعدها في ذلك على الأرجح تأثيرات التمرين العقلي المتوارثة. وأنا أرى أن هذه العملية تجري الآن مع أعراق الإنسان؛ إذ تفنى الأعراق ذات القدرات الفكرية الأقل. لكن المجال لا يسمح بمناقشة هذه النقطة هنا. إذا كنت أفهمك، فلا بد أن النقطة المفصلية في خلافنا هي أنك تعتقد أنه من المستحيل أن تتحسن القدرات الفكرية لأي نوع تحسنا كبيرا بالانتقاء الطبيعي المستمر للأفراد ذوي القدرات الفكرية العليا. لكي تتضح لك كيفية تدرج العقول، ما عليك سوى تأمل مدى الصعوبة الهائلة التي واجهت جميع من حاولوا تحديد الاختلاف بين عقل الإنسان والحيوانات الأدنى منه حتى الآن؛ إذ يبدو أن هذه الحيوانات تتمتع بالسمات العقلية نفسها، لكنها على درجة من الكمال أدنى بكثير من السمات العقلية التي يتمتع بها الإنسان في أكثر حالاته همجية. ما كنت لأعتد بنظرية الانتقاء الطبيعي إطلاقا إذا كانت ستتطلب إضافات خارقة عند أي مرحلة من مراحل الانحدار. أظن أن علم الأجنة وعلم التنادد والتصنيف، وما إلى ذلك، كلها توضح لنا أن الفقاريات جميعها قد انحدرت من أصل واحد، أما عن كيفية ظهور هذا الأصل فنحن لا نعرف ذلك. أعتقد وإذا اعترفت، ولو أدنى اعتراف، بالتفسير الذي طرحته فيما يتعلق بعلم الأجنة وعلم التنادد والتصنيف، فستجد صعوبة في القول بأن التفسير صالح حتى الآن، لكن صحته تتوقف عند هذا الحد، وهنا يجب أن نستعين ب «إضافة قوى مبدعة جديدة». أظن أنك إما سترفض التفسير بأكمله أو ستقره بأكمله؛ وأخشى، بناء على خطابك الأخير، أن يتحقق الاحتمال الأول، وفي هذه الحالة سأكون متيقنا من أن ذلك خطئي، لا عيب في النظرية، وسيكون هذا عزاء لي بالتأكيد. وبخصوص انحدار الممالك الكبرى (كالفقاريات والمفصليات وما إلى ذلك) من أصل واحد، فقد قلت في الختام إن التشابه وحده يجعل من ذلك احتمالا مرجحا لدي، وأرى في تقديري الشخصي أن صحة حججي وحقائقي تقتصر على كل مملكة منفصلة على حدة.
بخصوص الأشكال التي تغلب وتشترك في وراثتها للدونية. أظن أنني لم أكن حذرا بما يكفي، ولكن ألا يمكن أن يشير مصطلح الدونية إلى درجة أقل من التكيف مع الظروف الطبيعية؟
إن ملاحظاتي لا تنطبق على نوع مفرد، بل على مجموعات أو أجناس؛ إذ تتكيف أنواع معظم الأجناس على الأقل مع مناخات أشد حرارة بعض الشيء، وأخرى أقل حرارة بعض الشيء، ومع مناخات أشد رطوبة بعض الشيء، وأخرى أجف بعض الشيء، وعندما تغلب أنواع متعددة لمجموعة ما وتفنى بفعل عدد من أنواع مجموعة أخرى، فلا أعتقد أن السبب في العادة هو تكيف «كل» نوع جديد مع المناخ؛ بل لأن كل الأنواع الجديدة تحظى بأفضلية شائعة بينها في الحصول على القوت أو الهروب من الأعداء. وبخصوص المجموعات، فثمة توضيح أنسب من مثال الزنوج وذوي البشرة البيضاء في ليبيريا؛ ألا وهو الانقراض المستقبلي شبه الأكيد لجنس إنسان الغاب بأيدي جنس الإنسان، وليس ذلك لأن الإنسان أصلح للتكيف مع المناخ؛ بل بسبب ما يرثه جنس إنسان الغاب من دونية فكرية مقارنة بجنس الإنسان الذي يستطيع بقدراته الفكرية اختراع الأسلحة وإزالة الغابات. أعتقد، بناء على الأسباب الواردة في مناقشتي، أن التأقلم مع المناخات المختلفة يحدث بسهولة تحت تأثير الطبيعة. لقد استغرق الأمر سنوات كثيرة جدا كي أحرر عقلي من وهم أهمية المناخ الكبيرة «المبالغ فيها» - لأن تأثيره المهم جلي جدا، في حين أن التأثير المهم للتناحر بين كائن وآخر مستتر جدا - حتى إنني أرغب في سب القطب الشمالي، وإهانة خط الاستواء، كما قال سيدني سميث. أناشدك مرارا أن تفكر (مع العلم أنني لم أجد «أي شيء» أكثر إفادة من ذلك) في حالة آلاف النباتات في النقطة الوسطى من نطاقاتها الخاصة بها، والتي نعلم يقينا أنها تستطيع تحمل قدر أكبر بقليل من الحرارة أو البرودة، وقدر أكبر بقليل من الرطوبة والجفاف تحملا مثاليا، لكنها لا توجد بأعداد كبيرة في البؤر الرئيسية الكبيرة من نطاق انتشارها، مع أنها ستغطي الأرض كلها إذا فنيت الأنواع الأخرى التي تسكن تلك المنطقة. وهكذا يتبين لنا أن أعدادها تظل محجمة، في جميع الحالات تقريبا، وليس ذلك بسبب المناخ، بل بسبب تناحرها مع الكائنات الحية الأخرى. ربما ستظن أن كل هذا واضح جدا ، لكني كنت أتبنى فكرة خاطئة تماما عن اقتصاد الطبيعة، على حد ظني، إلى أن ظللت أكرر ذلك لنفسي آلاف المرات ...
بخصوص التهجين. لقد سررت جدا باستحسانك هذا الفصل، وستذهل من الجهد المضني الذي كلفني إياه؛ فكثيرا ما كنت أتبع مسارا خاطئا، حسبما أعتقد.
بخصوص الأعضاء الأثرية. يوجد وفق نظرية الانتقاء الطبيعي فارق كبير بين الأعضاء الأثرية وما تسميه أجنة الأعضاء، وما أسميه في كتابي الأكبر الأعضاء «الوليدة». ينبغي ألا يوصف العضو بأنه أثري إلا إذا كان عديم الفائدة، مثل الأسنان التي لا تبرز من خلال اللثة أبدا، أو الحليمات، التي تمثل المدقة في الأزهار المذكرة، أو جناح طائر أبتريكس
Apteryx ، أو الأجنحة الصغيرة تحت أغمدة الخنافس المقواة، وهذا مثال أفضل. فمن الواضح أن هذه الأعضاء عديمة الفائدة الآن، ومن باب أولى، أنها ستكون عديمة الفائدة في حالة أقل تطورا. يقتصر عمل الانتقاء الطبيعي على حفظ تعديلات طفيفة «مفيدة» متتالية. ومن ثم، فلا يمكن أن يصنع الانتقاء الطبيعي عضوا عديم الفائدة أو أثريا. وبذلك فالسبب الوحيد وراء وجود هذه الأعضاء هو الوراثة (كما هو موضح في مناقشتي)، وهي دلالة واضحة على وجود سلف كان لديه هذا العضو في حالة مفيدة. وربما يمكن أن تستخدم لأداء أغراض أخرى، وهو ما حدث في أحيان كثيرة، وحينئذ لا تكون أثرية إلا فيما يتعلق بأداء وظيفتها الأصلية، ويبدو ذلك جليا في بعض الأحيان. ويجب أن يكون العضو الوليد، وإن كان ناقص التطور، مفيدا في كل مرحلة من مراحل التطور، ما دام تطوره ضروريا. ولأننا لا نستطيع التنبؤ، لا يمكننا تحديد أي الأعضاء وليد الآن، ونادرا ما ستورث الأعضاء الوليدة من أفراد معينين في إحدى المجموعات من أمد بعيد إلى الوقت الحاضر؛ وذلك لأن الكائنات التي تمتلك عضوا مهما لكنه ناقص التطور سيستبدل به عادة لدى أحفادها صورة مكتملة التطور من ذلك العضو. ربما تعد الغدد الثديية لحيوانات خلد الماء وليدة مقارنة بضرع البقرة، وكذلك تعد مثبتات البويضات في بعض هدابيات الأرجل خياشيم وليدة، وفي [نص غير مقروء]، تكاد مثانة السباحة أن تعد أثرية في أداء هذا الغرض، وهي عضو وليد بمثابة رئة. قد يكون جناح البطاريق الصغير، الذي لا يستخدم إلا كزعنفة، وليدا كجناح، لكني لا أظن ذلك؛ لأن البنية الكلية للطائر مهيأة للطيران، والبطريق يشبه بعض الطيور الأخرى بشدة إلى حد أننا قد نستنتج أن جناحيه قد عدلا على الأرجح وتقلصا بالانتقاء الطبيعي، تماشيا مع عاداته شبه المائية. ومن ثم، فتشابه الوظائف كثيرا ما يعد بمثابة دليل مرشد في تحديد ما إذا كان العضو أثريا أم وليدا. أعتقد أن العصعص العظمي يثبت عضلات معينة، لكني لا أشك في أنه ذيل أثري. وريش الفص القاعدي للجناح
Alula
لدى الطيور يعد إصبعا أثرية، وأعتقد أنه إذا اكتشفت طيور متحفرة في مواضع منخفضة جدا من تسلسل الطبقات، فسيلاحظ أن لديها جناحا مزدوجا أو متشعبا إلى جزأين. ها أنا ذا أتنبأ بنبوءة جريئة!
إن الاعتراف بأجنة الأعضاء التنبئية يكافئ رفض نظرية الانتقاء الطبيعي.
صفحة غير معروفة
إنني في غاية السعادة لأنك ترى كتابي جديرا بالمطالعة مرة أخرى، من أجل موضوع الكتاب نفسه بقدر ما هو من أجلي أيضا، أو أكثر. لكني أعتبر انشغالك بعض الوقت القليل بالموضوع - أي انهماكك في طرح بعض المشكلات التي واجهتك شخصيا في استيعابه، وحلها - أهم بكثير من قراءة كتابي. وأتوقع أنك، إذا فكرت فيه باستغراق كاف، فستحيد عن رأيك، وإذا حدث ذلك في أي وقت على الإطلاق، فسأعرف أن نظرية الانتقاء الطبيعي موثوقة عموما؛ من شبه المؤكد أنها تتضمن أخطاء عديدة، كما طرح الآن، وإن كنت لا أستطيع رؤيتها. لا تفكر بالطبع في الرد على هذا الخطاب، ولكن إذا أتيحت لك أي «فرصة» أخرى لإرسال خطاب آخر، فلتخبرني فقط بما إذا كنت قد زحزحتك عن أي من اعتراضاتك ولو قيد أنملة. إلى اللقاء. مع خالص شكري على خطاباتك الطويلة وتعليقاتك القيمة.
تفضل بقبول أصدق مشاعري الودودة وأطيب تحياتي
سي داروين
ملحوظة:
إنك تشير كثيرا إلى عمل لامارك، لا أعرف رأيك فيه، لكنه بدا لي عملا فقيرا للغاية؛ إذ لم أستخلص منه أي حقيقة أو فكرة.
من تشارلز داروين إلى إل أجاسي
داون، 11 نوفمبر [1859]
سيدي العزيز
لقد تجرأت على أن أبعث إليك بنسخة من كتابي (الذي ما زال مجرد نبذة حتى الآن) عن «أصل الأنواع». ونظرا إلى أن الاستنتاجات التي توصلت إليها بشأن عدة نقاط تختلف بشدة عن استنتاجاتك، ظننت أنك (إذا قرأت مجلدي في أي وقت) ربما تظن أني أرسلته إليك بدافع من التحدي أو التبجح، لكني أؤكد لك أنني أتصرف بنية مختلفة تماما. وأرجو، على الأقل، أن أنال تقديرك، بغض النظر عن مدى الخطأ الذي قد تراه في استنتاجاتي؛ لأنني سعيت بكل جد إلى بلوغ الحقيقة.
أستأذنك أن أظل
صفحة غير معروفة
صديقك المخلص
تشارلز داروين
من تشارلز داروين إلى إيه دي كاندول
داون، 11 نوفمبر [1859]
سيدي العزيز
ارتأيت أنك ستسمح لي بأن أرسل إليك نسخة من عملي (الذي لا يزال نبذة فحسب حتى الآن) عن «أصل الأنواع» (بواسطة دار «ويليامز آند نورجيت» لنشر الكتب وبيعها). أود فعل ذلك؛ لأنه الطريقة الوحيدة، وإن كانت غير مناسبة تماما، التي أستطيع أن أثبت لك بها الاهتمام البالغ الذي تملكني، والفائدة العظيمة التي جنيتها، من دراسة عملك العظيم والنبيل عن «التوزيع الجغرافي». يمكنني القول إنك إذا اقتنعت بقراءة مجلدي، فلن تجده مفهوما إلا إذا قرأته كله دفعة واحدة حتى نهايته بلا توقف؛ لأنه مكثف للغاية. سأكون في منتهى السرور إذا نال أي جزء منه اهتمامك. لكني أعي تماما أنك ستختلف كليا مع الاستنتاج الذي توصلت إليه.
من المرجح أنك قد نسيتني تماما، لكنك شرفتني منذ سنوات عديدة بتناول العشاء في بيتي في لندن لتلتقي السيد سيسموندي والسيدة سيسموندي،
3
وهما زوج خالة زوجتي وخالتها. تفضل بقبول فائق احترامي، وأرجو أن أظل محبك المخلص.
تشارلز داروين
صفحة غير معروفة
من تشارلز داروين إلى هيو فالكونر
داون، 11 نوفمبر [1859]
عزيزي فالكونر
لقد طلبت من موراي أن يبعث إليك بنسخة من كتابي عن «أصل الأنواع»، الذي لا يزال محض نبذة حتى الآن.
إذا قرأته، فيجب أن تقرأه كله دفعة واحدة حتى نهايته بلا توقف، وإلا فستجده غير مفهوم لأنه مكثف للغاية.
يا إلهي! ما أشد الوحشية الضارية التي ستنتابك حين تقرؤه! وكم سترغب في أن تصلبني حيا! يؤسفني القول إن هذا هو التأثير الوحيد الذي سيحدثه فيك، لكن إذا زحزحك محتواه عن موقفك ولو قيد أنملة، فعندئذ سأكون مقتنعا تماما بأنك ستصبح، سنة تلو الأخرى، أقل ثباتا على موقفك المؤمن بعدم قابلية الأنواع للتغير. وبهذه القناعة الجريئة المتجاسرة.
سأظل يا عزيزي فالكونر
صديقك المخلص
تشارلز داروين
من تشارلز داروين إلى آسا جراي
صفحة غير معروفة
داون، 11 نوفمبر [1859]
عزيزي جراي
قد طلبت أن ترسل إليك نسخة من كتابي عن «أصل الأنواع» (الذي لا يزال نبذة فحسب حتى الآن). أعرف أن ليس لديك متسع من الوقت، لكن إن استطعت قراءته، فسأكون سعيدا للغاية ... إذا قرأته في أي وقت على الإطلاق، واستطعت استقطاع بعض الوقت لترسل إلي أي رسالة، مهما كانت قصيرة (لأنني أقدر رأيك للغاية)، تخبرني فيها بأضعف أجزائه وأفضلها من وجهة نظرك، فسأكون في منتهى الامتنان. ولأنك لست جيولوجيا، فستسامحني على غروري في إخبارك بأن لايل استحسن الفصلين الجيولوجيين، ويرى أن الفصل المتعلق ب «قصور السجل الجيولوجي» ليس مبالغا فيه. إنه على مشارف التحول إلى اعتناق آرائي ...
دعني أضيف أنني أعترف تماما بوجود صعوبات عديدة لم تشرحها نظريتي عن الانحدار مع التعديل شرحا وافيا، لكني لا أستطيع تصديق أن نظرية خاطئة يمكنها أن تشرح عددا هائلا من مجموعات الحقائق، وهو ما أرى أن نظريتي تشرحه بالتأكيد. فعلى هذه الأرض، أنزل مرساتي، وأعتقد أن الصعوبات ستتلاشى رويدا ...
من تشارلز داروين إلى جيه إس هنزلو
داون، 11 نوفمبر [1859]
عزيزي هنزلو
لقد طلبت من موراي أن يرسل نسخة من كتابي عن «الأنواع» إليك يا أستاذي العزيز القديم في التاريخ الطبيعي، لكني مع ذلك أخشى ألا تستحسن تلميذك هذه المرة. فالكتاب في حالته الحالية لا يدل على مقدار الجهد المضني الذي بذلته في موضوعه.
إذا كان لديك متسع من الوقت لتقرأه بإمعان، وتكبدت عناء الإشارة إلى أردأ أجزائه وأفضلها من وجهة نظرك، فسيكون ذلك عونا مهما جدا لي في كتابة كتابي الأكبر، الذي أرجو أن أبدأه في غضون بضعة أشهر. تعرف أيضا مدى تقديري الكبير لرأيك. لكن من غير المنطقي أن أرغب في الحصول على انتقادات مفصلة وطويلة وأتوقع منك ذلك، بل ملاحظات عامة فحسب، تشير فيها إلى أردأ الأجزاء.
وإذا «تزحزحت ولو قيد أنملة»، عن إصرارك على عدم قابلية الأنواع للتغير (وإن كنت لا أتوقع ذلك)، فسأكون مقتنعا حينها بأنك ستتزحزح أكثر فأكثر كلما فكرت في الأمر؛ لأن هذه هي العملية التي مر بها عقلي.
صفحة غير معروفة
عزيزي هنزلو
لك خالص مودتي وامتناني
سي داروين
تشارلز داروين إلى جون لوبوك
4
إلكلي، يوركشاير،
السبت [12 نوفمبر 1859] ... شكرا جزيلا لك على دعوتي إلى القدوم إلى برايتون. أرجو من كل قلبي أن تستمتع بإجازتك. لقد طلبت من موراي أن يرسل إليك نسخة في شارع مانشن هاوس، وفوجئت بأنك لم تتسلمها. يوجد كم هائل من الحجج المنطقية الوجيهة التي تعارض أفكاري، إلى حد أنك، أو أي أحد آخر من المعارضين، ستقنع نفسك بسهولة بأنني مخطئ تماما، وصحيح أنني مخطئ جزئيا بالطبع، أو ربما حتى كليا، لكني لا أستطيع رؤية ضلال الأساليب التي اتبعتها. أظن أنه حين ثبت لأول مرة أن الرعد والبرق يحدثان بأسباب ثانوية، حزن البعض للتخلي عن فكرة أن كل ومضة من البرق كانت تحدث بفعل مباشر من يد الرب.
إلى اللقاء؛ فأنا أشعر بتوعك شديد اليوم؛ لذا لن أزيد على ذلك.
المخلص لك دائما
سي داروين
صفحة غير معروفة
تشارلز داروين إلى جون لوبوك
إلكلي، يوركشاير، الثلاثاء [15 نوفمبر 1859]
عزيزي لوبوك
أرجو أن تعذرني على إزعاجك مجددا. لا أعرف كيف أخطأت في التعبير عما بداخلي إلى الحد الذي جعلك تعتقد أننا قبلنا دعوتك الكريمة إلى برايتون. كل ما قصدته هو أن أشكرك من أعماق قلبي على رغبتك في أن ترى رجلا عجوزا منهكا مثلي. فأنا لا أعرف متى سنغادر هذا المكان، ليس قبل أسبوعين، وسنرغب عندئذ في الاستراحة تحت قمة سقفنا الهرمي المدبب.
لا أظن أنني أعجبت بأي كتاب تقريبا أكثر مما أعجبت بكتاب «اللاهوت الطبيعي» الذي ألفه بالي. كان بإمكاني في الماضي أن أسرد محتواه عن ظهر قلب تقريبا.
أنا سعيد بأنك حصلت على كتابي، ولكن يؤسفني القول إنك تبالغ في تقديره. سأكون ممتنا لأي انتقادات. لا أكترث بالمقالات النقدية، وإنما برأيك أنت وهوكر وهكسلي ولايل، وأمثالكم.
إلى اللقاء، مع جزيل شكرنا المشترك للسيدة لوبوك ولك. وداعا.
سي داروين
من تشارلز داروين إلى إل جينينز
5
صفحة غير معروفة
إلكلي، يوركشاير،
13 نوفمبر 1859
عزيزي جينينز
يجب أن أشكرك على رسالتك اللطيفة جدا التي أرسلتها إلي من داون. لقد مرضت بشدة هذا الصيف، وأخضع للعلاج المائي هنا منذ ستة أسابيع، لكن مفعوله طفيف جدا حتى الآن. سأبقى هنا أسبوعين آخرين على الأقل. أرجو أن تتذكر أن كتابي مجرد نبذة ومكثف للغاية، ويجب أن يقرأ بإمعان لكي يفهم ولو قدرا ضئيلا منه. سأكون ممتنا جدا لأي انتقادات. لكني أعي تماما أنك لن تتفق معي بالكامل على الإطلاق. فقد استغرق تحويل قناعاتي إلى الإيمان بهذه الأفكار سنوات عديدة. صحيح أنني ربما أكون مخطئا بفداحة، لكني لا أستطيع إقناع نفسي بأن النظرية التي تشرح فئات كثيرة من الحقائق (كما أرى أنها تشرحها بكل تأكيد) يمكن أن تكون خاطئة تماما؛ بالرغم من الصعوبات العديدة التي يجب التغلب عليها بطريقة أو بأخرى، والتي تحيرني شخصيا حتى إلى يومنا هذا.
ليت حالتي الصحية قد سمحت لي بنشر الكتاب كاملا، إذا تعافيت بما يكفي في أي وقت، فسأفعل ذلك؛ لأنني أتممت كتابة الجزء الأكبر، وهذا المجلد الحالي ملخص لمخطوطته.
يؤسفني أن تجد هذه الرسالة غير قابلة للقراءة تقريبا، لكني متوعك، ولا أستطيع القعود منتصبا إلا بصعوبة بالغة. إلى اللقاء، مع جزيل شكري لك على رسالتك اللطيفة والذكرى السارة للأيام الخوالي.
صديقك المخلص
سي داروين
من تشارلز داروين إلى إيه آر والاس
إلكلي، 13 نوفمبر 1859
صفحة غير معروفة
سيدي العزيز
لقد أخبرت موراي أن يرسل إليك نسخة من كتابي بالبريد (إن أمكن)، وآمل أن تتسلمها بالتزامن تقريبا مع هذه الرسالة. (ملحوظة: إحدى أصابعي مصابة؛ لذا أكتب بخط سيئ للغاية.) إذا لم يكن لديك مانع، فسأود بشدة أن أسمع انطباعك العام عن الكتاب، نظرا إلى أنك فكرت في الموضوع بإمعان، وأفكارنا تكاد تكون متماثلة. أرجو أن تجد فيه بعض المعلومات الجديدة عليك، لكن يؤسفني القول إنها لن تكون كثيرة. تذكر أنه ليس سوى ملخص، ومكثف للغاية. الرب وحده يعلم ما سيكون انطباع الجمهور عنه. لم يقرأه أحد سوى لايل، الذي ظللت أراسله كثيرا. يعتقد هوكر أن لايل قد غير رأيه تماما واعتنق فكرتي، لكنه لا يبدو كذلك في خطاباته إلي، غير أنه شديد الاهتمام بالموضوع، وذلك جلي للغاية. لا أظن أن الحكام الحقيقيين، أمثال هوكر ولايل وآسا جراي، سيغفلون إسهامك في النظرية. سمعت من السيد سلاتر أن ورقتك عن أرخبيل الملايو قد قرئت في الجمعية اللينية، وأنه كان في «غاية» الاهتمام بها.
لم ألتق أيا من علماء التاريخ الطبيعي منذ ستة أشهر أو تسعة بسبب حالتي الصحية؛ لذا ليس لدي أي أخبار جديدة أخبرك بها. أكتب هذا الخطاب في إلكلي ويلز، حيث أقيم مع أسرتي منذ ستة أسابيع، وسأبقى بضعة أسابيع أخرى. لكني لم أتحسن إلا قليلا حتى الآن. الرب وحده يعلم متى سأتعافى بما يكفي لنشر كتابي الأكبر.
أتمنى من كل قلبي أن تدوم صحتك، وأظنك ستفكر في العودة قريبا بمجموعاتك الرائعة،
6
وبما تحفظه في عقلك من مواد أروع بكثير. ستكون متحيرا بشأن كيفية النشر. سيكون صندوق الجمعية الملكية خيارا جديرا بأن تفكر فيه. مع أطيب أمنياتي، وأصدق تحياتي.
صديقك المخلص
تشارلز داروين
ملحوظة:
أظنني قد أخبرتك من قبل بأن هوكر قد غير قناعاته تماما واعتنق الأفكار الجديدة. إذا استطعت أن أغير قناعات هكسلي، فسأكون راضيا للغاية.
صفحة غير معروفة
من تشارلز داروين إلى دبليو دي فوكس
إلكلي، يوركشاير،
الأربعاء [16 نوفمبر 1859] ... يعجبني المكان للغاية، وقد استمتع به الأطفال كثيرا، وعاد بالنفع على زوجتي. وعاد بالنفع على هنرييتا في البداية أيضا، لكن حالها ساء مجددا. أما أنا فتعرضت لسلسلة من الحوادث: التواء في الكاحل أولا، ثم تورم شديد في ساقي كلها ووجهي، وطفح جلدي شديد، ومجموعة متتالية بشعة من الدمامل، أربعة أو خمسة في المرة الواحدة. لقد مرضت بشدة، وليس لدي إيمان بأن هذه «المحنة الفريدة»، كما يصفها الطبيب، تنفعني كثيرا ... الأرجح أنك تلقيت كتابي الممل عن الأنواع، أو ستتلقاه قريبا جدا، وأعتقد بطبيعة الحال أنه يحوي الحقيقة بدرجة كبيرة، لكنك لن تتفق معي إطلاقا. لقد غير الدكتور هوكر، الذي أعتبره أحد أفضل الخبراء في أوروبا، رأيه وصار مقتنعا تماما بأفكاري، ويظن أن لايل أيضا أصبح كذلك؛ وأؤكد لك أن لايل، بناء على خطاباته إلي عن الموضوع، قد تزحزح عن قناعته السابقة وصار مترددا بشدة. إلى اللقاء. إذا أثر الكتاب في أفكارك، فلتخبرني ...
من تشارلز داروين إلى دبليو بي كاربنتر
إلكلي، يوركشاير،
18 نوفمبر [1859]
عزيزي كاربنتر
يجب أن أشكرك على خطابك بالأصالة عن نفسي، وإذا كنت أعرف نفسي، يجب أن أوجه إليك شكرا أشد حرارة نيابة عن الموضوع. ذلك أنك، حسبما يبدو، قد فهمت فصلي الأخير دون قراءة الفصول السابقة، فلا شك أنك فكرت في الموضوع في قرارة نفسك بنضج وعمق شديد؛ إذ إنني وجدت صعوبة هائلة في أن أجعل حتى أبرع الرجال يفهمون مقصدي. ستلقى آرائي معارضة قوية. وإذا كنت مصيبا في العموم (مع مراعاة وجود بعض الأخطاء الجزئية لم ألحظها بالطبع)، فإن الاعتراف بصحة آرائي سيتوقف على ذوي السمعة الراسخة من أمثالك بأكثر مما يتوقف على كتاباتي نفسها. ومن ثم، بافتراض أنك اعتقدت بصحة آرائي في العموم حين قرأت كتابي، لك مني خالص الشكر والاحترام على استعدادك للمجازفة باحتمالية انخفاض شعبيتك في سبيل الدفاع عن هذه الآراء. لا أعرف إطلاقا ما إذا كان أي شخص سيكتب مراجعة عن الكتاب في أي من الدوريات العلمية. وأنا لا أعرف كيف يمكن لمؤلف أن يستفسر عن شيء كهذا أو يتدخل فيه، لكن إذا كنت راغبا في كتابة مقال عن الكتاب في أي مكان، فأنا متيقن، بناء على الإعجاب الذي لطالما شعرت به وأعربت عنه تجاه كتابك عن «علم وظائف الأعضاء المقارن »، من أن مقالك النقدي سيكون ممتازا، وسيقدم عونا جليلا للقضية التي أظن أنني مهتم بها اهتماما عميقا غير أناني. أشعر بتوعك شديد اليوم، وصحيح أن هذه الرسالة مكتوبة بخط سيئ، وربما يكاد يكون غير مقروء، لكن اعذرني لأنني لم أستطع تفويت البريد دون أن أشكرك على رسالتك. ستواجهك مهمة صعبة في زحزحة السير إتش هولاند عن رأيه ولو قيد أنملة. لا أظن (وأقول هذا سرا بيننا) أن الرجل العظيم لديه معرفة كافية لمعالجة الموضوع.
مع أصدق تحياتي وإخلاصي، صديقك الممتن
سي داروين
صفحة غير معروفة
ملحوظة:
نظرا إلى أنك لست جيولوجيا فعليا، دعني أضيف أن لايل يظن أن الفصل المتعلق بقصور السجل الجيولوجي «ليس» مبالغا فيه.
من تشارلز داروين إلى دبليو بي كاربنتر
إلكلي، يوركشاير،
19 نوفمبر [1859]
عزيزي كاربنتر
أرجو أن تعذرني على إزعاجك مجددا. إذا استطعت، بعد قراءة كتابي، التوصل إلى استنتاج قاطع بأي درجة كانت، فهل يكون من غير الملائم أن أطلب منك إرسال خطاب إلي؟ لا أطلب مناقشة مطولة، بل فكرة موجزة فحسب عن انطباعك العام. فبناء على معرفتك الواسعة، وعادتك في تحري الحقيقة، وقدراتك، فإنني أكن لرأيك أعلى درجات التقدير. وبالرغم من أنني أومن بصحة اعتقادي بالطبع، فأنا أرى أن الاعتقاد لا يكون حيويا إلا حين يتشارك أناس آخرون في الإيمان به. وحتى الآن لا أعرف سوى مؤمن واحد، لكني أعتبره صاحب الخبرة الأكبر، وأقصد هنا هوكر. حين أتأمل الحالات العديدة التي عكف فيها رجال على دراسة موضوع واحد على مدار سنوات، وأقنعوا أنفسهم بصحة أكثر الاعتقادات حماقة، أحيانا ما يراودني قليل من الخوف حيال احتمالية أن أكون واحدا من هؤلاء المجانين المهووسين بفكرة واحدة.
أرجو مجددا أن تعذرني على هذا الطلب الذي أخشى أن تراه غير ملائم. تكفيني رسالة قصيرة، وأستطيع أن أتحمل رأيا معارضا مخالفا، فسيتحتم علي تحمل الكثير من مثل هذه الآراء.
صديقك المخلص
سي داروين
صفحة غير معروفة
من تشارلز داروين إلى جيه دي هوكر
إلكلي، يوركشاير،
الأحد [نوفمبر 1859]
عزيزي هوكر
قرأت للتو مقالا نقديا عن كتابي في دورية «ذا أثنيام»،
7
وأتحرق فضولا لمعرفة هوية كاتبه. ليتك تخبرني بمن يكتب في «ذا أثنيام»، إذا كنت تعرف. أرى أن المقال كتب بإتقان، لكن الناقد لا يقدم اعتراضات جديدة، ولأنه يتسم بالعدائية، يتجاهل كل حجة تؤيد الاعتقاد ... أخشى، بناء على لهجة المقال النقدي، أن أكون قد كتبت الكتاب بأسلوب مغرور متعجرف، وهذا يخجلني قليلا. ويوجد مقال نقدي آخر أود معرفة كاتبه؛ أقصد مقال إتش سي واطسون في دورية «ذا جاردنرز كرونيكل». فبعض التعليقات تشبه تعليقاتك، وكاتبه يستحق العقاب، لكن المقال أقسى مما ينبغي بكل تأكيد. ألا تظن ذلك؟
آمل أن تكون قد تلقيت النسخ الثلاث المخصصة لعلماء النبات الأجانب قبل موعد الطرد الذي تود إرساله، ونسختك أنت أيضا. لقد تلقيت خطابا من كاربنتر، الذي أظنه من المحتمل أن يغير رأيه ويعتنق فكرتي. وكذلك تلقيت خطابا من كاتريفاج، الذي يميل إلى الاتفاق معنا. يقول إنه عرض في محاضرته رسما بيانيا يشبه رسمي البياني بشدة!
سأبقى هنا أسبوعين آخرين، ثم سأذهب إلى داون، وسأمكث أسبوعا على الطريق في «شروزبري». لقد كنت تعيسا جدا؛ فمن أصل سبعة أسابيع، بقيت حبيس المنزل خمسة أسابيع. خلف ذلك في نفسي أثرا سيئا؛ لأنني لم أستطع التوقف عن التفكير في كتابي إلى حد أحمق. إذا غير أربعة رجال «بارعين» أو خمسة قناعتهم وصاروا أميل إلى الاقتناع برأينا، فسأكون متيقنا من النجاح في نهاية المطاف. إنني متلهف لمعرفة رأي هكسلي. هل نشرت مقدمتك؟
8
صفحة غير معروفة