داون [13 أبريل 1860]
عزيزي هوكر
غالبا ما تسفر مسائل الأسبقية عن شجارات بغيضة؛ لذا سأعتبره صنيعا جليلا منك إذا قرأت المرفق. إذا رأيت إرساله تصرفا مناسبا (وكنت متيقنا من ذلك بلا أي جدال)، وإذا رأيته كافيا وزيادة، فأرجو منك أن تغير التاريخ إلى اليوم الذي سترسله فيه بالبريد، وليكن ذلك قريبا. تبدو الحالة الواردة في دورية «ذا جاردنرز كرونيكل» أقوى «قليلا» من تلك الواردة في كتاب السيد ماثيو؛ لأن الفقرات الواردة في الكتاب متناثرة في ثلاثة مواضع؛ لكن ملاحظة ذلك لن تكون سوى إفراط في الانتباه إلى الفروق والتفاصيل البسيطة. إذا كنت معترضا على خطابي، فأرجو أن تعيده، لكني لا أتوقع أنك ستفعل ذلك، وإنما ظننت أنك لن تمانع في إلقاء نظرة سريعة عليه. عزيزي هوكر، من الرائع لي أن أحظى بصديق جيد صدوق قديم مثلك. إنني أدين كثيرا لأصدقائي بما لدي من علم.
شكرا جزيلا على محاضرة هكسلي. بدا لي الجزء الأخير فصيحا للغاية. ... تفحصت المقال النقدي في [«إدنبرة»] بإمعان مجددا، وقارنت بين الفقرات، وأنا مذهول من التحريفات. لكنني سعيد بأنني قررت عدم الرد. ربما يكون ذلك تصرفا أنانيا، لكن الرد على المقال وقضاء المزيد من الوقت للتفكير فيه مزعجان للغاية. أشعر بأسف بالغ لأن هكسلي تعرض لمثل هذا الهجوم الوحشي بسببي. لعلك لا تكترث كثيرا بالهجوم غير المبرر عليك.
ذكر لايل في خطابه أنك بدوت له كأنك منهك من الإفراط في العمل. أرجو أن تتوخى الحذر وتتذكر كم من رجال كثيرين جدا قد فعلوا ذلك، واستهانوا بالأمر حتى فوات الأوان. أنا أيضا كثيرا ما كنت أستهين به. تعرف أن صحتك كانت معتلة أصلا قبل رحلتك إلى الهند.
من تشارلز داروين إلى سي لايل
داون ، أبريل [1860]
عزيزي لايل
سررت جدا بتلقي رسالتك الطويلة اللطيفة من توركي. لقد منعني كم هائل من الخطابات المتتالية من إرسال رسالة إلى ويلز. شد ما سررت أيضا بمعرفة رأيك في تجاهل مقال [«إدنبرة ريفيو»] النقدي. ارتأى هوكر وهكسلي أنه من الواجب أن ألفت الانتباه إلى تغيير الاقتباسات المستشهد بها، وصحيح أنهما على صواب في هذا القول، لكني كرهت الفكرة بشدة إلى حد أنني قررت ألا أفعل ذلك. سوف آتي إلى لندن يوم السبت الموافق الرابع عشر؛ من أجل حفل السير بي برودي؛ لأن لدي كومة من الحاجات المكدسة التي أحتاج إلى قضائها في لندن، وسوف أزورك سريعا في حوالي الساعة العاشرة إلا ربعا من صباح الأحد (إذا لم أسمع منك ما يمنع ذلك)، وأقعد معك إلى الفطور، لكني لن أمكث طويلا، وبذلك لن آخذ الكثير من وقتك. يجب أن أقول ملاحظة أخرى عن الجدل شبه اللاهوتي المثار حول الانتقاء الطبيعي، ولتخبرني برأيك عندما نلتقي في لندن. هل تعتبر أن التباينات المتتالية في حجم حوصلة الحمام النفاخ، والتي راكمها الإنسان لإشباع هواه، كانت نتاج «القوى المبدعة الداعمة لدى الإله براهما؟» من منظور وجود إله قدير عليم لا بد أنه يسير كل شيء وفق أوامره ويعرف كل شيء، لن يكون ثمة مفر من الإقرار بهذا، لكني، بكل أمانة وصدق، لا أستطيع الإقرار به. فلا يبدو من المعقول لي على الإطلاق أن يهتم خالق الكون بحوصلة حمامة لا لشيء إلا لإرضاء أهواء الإنسان السخيفة. أما إذا كنت تتفق معي في رؤية أن هذا التوسط من الإله غير مبرر، فلا أرى أي سبب يدفع المرء إلى الإيمان بوجود مثل هذه التوسطات في حالة الكائنات الطبيعية، التي تنتقى فيها خصائص غريبة مثيرة للإعجاب انتقاء طبيعيا لتفيد الكائن نفسه. تخيل أن حمامة في الطبيعة تخوض في الماء، ثم تطفو إلى الأعلى بحوصلتها المنتفخة، وتبحر بحثا عن الطعام. ما الإعجاب الذي قد يثيره ذلك؟ التكيف مع قوانين الضغط الهيدروستاتيكي، وما إلى آخر ذلك . لا أستطيع إطلاقا أن أرى أي صعوبة في أن ينتج الانتقاء الطبيعي البنية الأشد إتقانا، «إذا كان من الممكن الوصول إلى مثل هذه البنية بالتدرج»، وأنا أعرف من واقع تجربتي وخبرتي مدى صعوبة تحديد أي بنية لا تعرف لها على الأقل بعض التدرجات التي أدت إليها في النهاية.
صديقك الدائم
صفحة غير معروفة