إلا التي لا يبين قائلها
كرغوة البكر أو كصيحة حب
لى طرقت حولها قوابلها
فجاء فينا أزرى بوجهته
فيها خطوب حمر زلازلها
ولقد زاد في إذكاء العصبية بين القبائل العربية حمق بعض الولاة، وعدم أخذهم الأمور التي تقع بين أيديهم بالحزم والحكمة، وأيضا استهانة بعض الخلفاء الأمويين ببعض الأمور وغرورهم بما لهم من سلطان، فكانوا لا يبالون شعور الناس في تعيين الولاة عليهم، مما كان له أبعد أثر في صرف النفوس عنهم، واستجابتها لكل داع إلى الخروج عليهم، وحسبك أن ترى هشام بن عبد الملك - مع حزمه وبعد نظره - يعين نصر بن سيار واليا على خراسان وهو يعلم أن عصبيته بها ضعيفة، فإنه لما استشار فيمن يوليه خراسان بعد أسد بن عبد الله القسري، كان مستشاره يسمى له أشخاصا بما لهم من محامد ومذام، فلما جاء ذكر نصر بن سيار قال: إن اغتفرت له واحدة فإنه عفيف مجرب عاقل، قال هشام: وما هي؟ فقال المشير: عشيرته بها ضعيفة، فقال هشام: «أوتريد عشيرة أقوى مني؟ أنا عشيرته!»
على أن كلمة هشام قد تخفف من آثارها السيئة متانة حكومته، ونفاذ صولته، وقوة شوكته، ولكن الخلفاء جميعا ليسوا كهشام حزما واقتدارا، وليست أيامهم كأيام هشام نجحا وانتصارا.
ومهما يكن من شيء فإن تولية نصر بن سيار على خراسان كانت في الواقع شؤما على بني أمية.
وقد بلغت العصبية بين مضر واليمن في خراسان طورا عنيفا، جعل التزاوج بين الفريقين موضع اضطهاد وسخرية وازدراء.
ولقد قالت أم كثير الضبية لما هدم اليمنيون دور المضرية أثناء الحروب التي كانت بين نصر والكرماني بسبب العصبية:
صفحة غير معروفة