وأنجبت الزوجة الشابة ولدين، ولكن حدث أمر ليس بعجيب ولا شاذ. وقد يسأل سائل ففيم اهتمامك به وكتابتك عنه وإنك تعلم أنه ليس بعجيب ولا شاذ.
وربما راق لي أن أجيب على هذا التساؤل؛ فالواقع أن الكاتب يكتب وهو لا يعرف لماذا يكتب، وإنما كل الذي يدريه أن شيئا ما لا يدري مأتاه هزه هزا عنيفا، ودفع به إلى الكتابة. وليس يعنيه في شيء أن يكون هذا الذي يكتبه جديدا على الناس أم قديما.
وقال عنترة قبل ظهور الإسلام وفي غروب الجاهلية «هل غادر الشعراء من متردم» فوحقك ليس بين الناس من جديد؛ فالشر قديم قدم قابيل وهابيل، والخير قديم قدم آدم ومن أعقبه من أنبياء.
كان جار الزوجين شابا في مقتبل العمر ينتمي إلى أسرة عريضة شهيرة بين الناس. وكان للشاب سيارة وضيئة وابتسامة آسرة. وأهم من هاتين كانت له سمعة أنه ثري، وأنه يحب أن ينفق من ثرائه هذا.
ولم تهتم الزوجة أن هذا الشاب جاهل لم يكمل تعليمه. وكان من الغباء بحيث لا تستطيع أن تستبين غباءه.
بالغ الفتى في إظهاره محاسن سيارته. وبالغ أيضا في إطلاق ابتسامته على قلب الزوجة، وترك سمعة ثرائه تنساب إليها من سيل جارف، حتى إذا أيقن أنه وقع من نفسها حيث يريد أن يقع بدأ حديثه.
ولم يكن هذا التخطيط عن ذكاء - لا قدر الله - وإنما هو مران تعود به أن يصاحب الفتيات. وفيم ينشغل الجاهل الجميل إلا بالنساء؟
وقد تجد بين الناس أغبياء وإنما يتقنون من حياتهم جانبا واحدا. وهم في هذا الجانب الذي يتقنون يصبحون أعلاما متمرسين، حتى ليبدو الفرد منهم كأنه ذكي شديد الذكاء.
أشار إليها فرفضت، فألح فامتنعت، فأغراها بنزهة بريئة بالسيارة فتمنعت تمنع الراغبات. وأدرك الفتى بخبرته أنها أصبحت من أولئك الراغبات فأعاد الإلحاح.
فقبلت ونزلت إلى السيارة. - أتعرفين كم أحبك؟ - إنني متزوجة. - أعلم. - وأم لطفلين. - وأعلم. - فما إصرارك هذا؟ - وهل للحب أسباب؟ - أنت غني وجميل. - أرأيتني جميلا؟ - وأنت تعلم. - إذن. - تستطيع أن تجد غيري كثيرات. - ولكني أريدك أنت. - وماذا تريد لعلاقتنا هذه؟ - ما تريدين أنت؟ - أنا لا أعرف إلا الزواج. - فليكن ما تريدين. - كيف؟ - تتركين زوجك. - هل هذا معقول؟ - وكيف يمكن أن يتم زواجي؟ - لا يمكن. - لم تقتنع في النزهة الأولى بالسيارة، ولكنها في الثانية والثالثة والعاشرة اقتنعت.
صفحة غير معروفة