============================================================
وليس كذلك في وجود الله تعالى، فإن إشراقه على الكل بلا تفرقة أصلا فلم يرتفع الالتباس، فسبحان من هو الأول والآخر والظاهر والباطن الذي لا يذرك حال البصيرة - الذي هو قوة الروح كنه حقائق أسمائه وصفاته فضلا عن كنه ذاته المطلقة. وإذا كان هكذا حال البصيرة فكيف حال البصر والعقل؟
ومن ثم قال الصديق الأكبر رضي الله عنه: العجز عن درك الإدراك ادراك، وقال: سبحان من لا سبيل إلى معرفته إلا بالعجز عن معرفته، فهو الملك الجليل العظيم القهار الواسع العليم الذي ما عرفه حقيقة غيره حتى قال العارف إسماعيل الجبرتي تفع الله به: القرآن فيه جميع أسماء الله تعالى التي يعرف بها والتي ما يعرف بها، واسمه (الله) جامع لجميع مراتب الأسماء، وهذه الأسماء التي يعرف بها كالشريعة، وذات الله عز وجل أعجزت القرآن.
وقال أيضا: الله أكبر عجزث أسماء الله عن معرفة الله أسماء الله تطلبه كما نطلبه، قال تلميذه العارف أحمد الرداد(1) نفع الله به: يعني أن الأسماء من حيث كونها أسماء تطلب عين المسمى فلا تخمل منه الأسماء إلا ما هي قائمة به من المعاني، وأما الأسماء من حيث كون المسمى إياه وعينها فعين واحدة مستغرقة لكل عين ولكل أثر، ولا عين ولا أثر ولا علم ولا خبر، والله بكل شيء تحيط. انتهى.
(1) أحمد بن القاضي رضي الدين أبي بكر بن محمد الرداد البكري التيمي القرشي اليمني، انتهت اليه رناسة الصوفية باليمن، وقدم مكة حاجا، وله مؤلفات كثيرة منها: كتاب *موجبات الرحمة ووعزائم المغفرةه. توفي سنة 821ه المناوي في الطبقات الكيرى 3: 157- 159، الزبيدي: طبقات الخواص 30- 32.
صفحة ١١٩