============================================================
والصدق لتحصل له الطاعة سالمة، والمحب يطلب سلامة المحبوب، ولما وجد حلاوة الطاعة صارت محبوبة له فأحب سلامتها.
شروط كمال الخلوة: واعلم أئها الطالب الراغب أنها لا تكمل لك الخلوة إلا بمحو اسمك من القوم، وذلك بأن لا تستحلي اعتقاد الخلق فيك لكونك تخليت عنهم، وذلك بأن تترك استقبال باطنك وتوجهه إليهم وإلى ما يقولون فيك، بل تستقبل جدار خلوتك ولا تلتفت إلا إلى شأنك حتى تفنى نفسك بالكلية فإن الوحدة والخلوة موصلان إلى الفناء بل موصلان إلى المقامات كلها من البدايات والنهايات.
النوع الثاني من أصحاب الخلوة: 2) وأما المحبوب فهو الذي تنبعث من باطنه - أي الروح أو القلب - داعية الخلوة فتنجذب نفسه المطمئنة إلى ذلك طوعا، وهذا أتم من جهة نفسه إذ ليس فيها نقصان الأمارية، وأكمل من جهة القلب إذ ليس فيه من كدورة نفسه شيء، وأدل على كمال استعداد روحه حيث كان مناسبا للحضرة الإهية بلا واسطة كسب سابق، وهذه الحالة - أي حالة المحبوبية كانت حالة الحبيب رسول الله إذروي عن حاله مايدل على ذلك(1)، واعلم أنه ورد عن النبي من رواية عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : "ليأتين على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر بدينه من قرية إلى قرية ومن شاهق إلى شاهق ومن لجخر (1) أي لما كان يختلي في غار حراء الليالي ذات العدد كما روى ذلك البخاري في صحيحه (3) في كتاب بدء الوحي:
صفحة ٨٦