143

العاقبة في ذكر الموت

محقق

خضر محمد خضر

الناشر

مكتبة دار الأقصى

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٦ - ١٩٨٦

مكان النشر

الكويت

قد صَحَّ حَدِيث عمر وَابْن عمر ﵄ فِي تَعْذِيب الْمَيِّت ببكاء الْحَيّ من حَدِيثهمَا وَصَحَّ أَيْضا من حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَذكر مُسلم بن الْحجَّاج عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله ﷺ يَقُول من نيح عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يعذب بِمَا نيح عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة وَعَائِشَة ﵂ إِنَّمَا حدثت بِمَا سَمِعت وَأنْكرت مَا لم تسمع وَقَالَ بعض الْعلمَاء أَو أَكْثَرهم إِنَّمَا يعذب الْمَيِّت ببكاء الْحَيّ عَلَيْهِ إِذا كَانَ الْبكاء من سنة الْمَيِّت واختياره أَو يكون قد وَصِيّ بِهِ وَقد روى مَا يدل على أَن الْمَيِّت يُصِيبهُ عَذَاب مَا ببكاء الْحَيّ وَإِن لم يكن من سنته وَلَا من اخْتِيَاره وَلَا مِمَّا أوصى بِهِ ذكر ابْن أبي خَيْثَمَة من حَدِيث قيلة بنت مخرمَة وَذكرت عِنْد رَسُول الله ﷺ ولدا لَهَا مَاتَ ثمَّ بَكت فَقَالَ رَسُول الله ﷺ أيغلب أحدكُم أَن يصاحب صويحبه فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا فَإِذا حَال بَينه وَبَينه من هُوَ أولى بِهِ مِنْهُ اسْترْجع ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أثبني فِيمَا أمضيت وأعني على مَا أبقيت فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِن أحدكُم ليبكي فيستعبر إِلَيْهِ صويحبه فيا عباد الله لَا تعذبوا إخْوَانكُمْ وَإِسْنَاده لَا بَأْس بِهِ ومساق هَذَا الحَدِيث يدل على أَن بكاء هَذِه لم يكن من اخْتِيَار ابْنهَا لِأَن ابْنهَا صَاحب من أَصْحَاب رَسُول الله ﷺ وَلَا كَانَ هَذَا الْبكاء الْمَعْرُوف فِي الْجَاهِلِيَّة الَّذِي كَانَ من اخْتِيَار الْمَيِّت وَمِمَّا يُوصي بِهِ ذكر البُخَارِيّ من حَدِيث النُّعْمَان بن بشير قَالَ أُغمي على عبد الله بن رَوَاحَة فَجعلت أُخْته تبْكي وَتقول واجبلاه واكذا واكذا تعدد عَلَيْهِ فَقَالَ حِين أَفَاق مَا قلت شَيْئا إِلَّا قيل لي أَأَنْت كَذَلِك فَلَمَّا مَاتَ لم تبك عَلَيْهِ وَهَذَا أَيْضا لم يكن من سنة عبد الله بن رَوَاحَة وَلَا من اخْتِيَاره وَلَا مِمَّا أوصى بِهِ لِأَن منصبه فِي الدّين أجل وَأَرْفَع من أَن كَانَ يَأْمر بِهَذَا أَو يُوصي بِهِ

1 / 165