قالت في نفسها: «قريبا أعرف.»
قال لآيريس: «قلت إنه الشاب ذو الشعر الفاتح. ها قد أتيتك بالنادل الأشقر الوحيد. بالمناسبة، هو يتباهى بتحدثه الإنجليزية.»
تذكرت آيريس الشاب اليافع فور أن رأت شعره الذي يشبه القش في لونه والذي يصففه بعناية، وجبهته المائلة. كان يرتدي نظارة ويبدو أشبه بطالب أو موظف إداري.
سألته: «هل تفهم حقا الإنجليزية؟»
أجابها بحماس: «بالطبع يا سيدتي؛ فمعي شهادة بإجادة النحو واجتياز اختبار المحادثة.» «حسنا، هل تذكر أنك قدمت لي الشاي؟ هل ذاكرتك يعتمد عليها في تذكر الوجوه؟» «أجل سيدتي.» «إذن أريدك أن تنظر لتلك السيدة.» أشارت آيريس للسيدة كومر وأضافت قائلة : «ليس إلى ملابسها، بل إلى وجهها. والآن أخبرني، هل تلك هي السيدة التي احتست الشاي معي؟»
تردد النادل قليلا، بينما تلاشى التعبير من عينيه الفاتحتين للحظة، ثم أومأ برأسه حاسما أمره. «أجل سيدتي.» «هل أنت واثق؟» «أجل سيدتي، أنا واثق تماما.»
لم تعلق آيريس، فمنح هير بقشيشا للشاب وتركه يذهب في طريقه. مع أن الاستجواب سار كما توقع، كان يشعر بضيق بالغ. نظر بضيق إلى البارونة والطبيب، لكن لم يبد على وجهيهما سوى الصبر المتكلف، بينما ينتظران بفارغ الصبر انتهاء الاستجواب.
فجأة، دوت صرخة مكتومة من العربة المجاورة، فهب الطبيب من مقعده على الفور وأسرع عائدا إلى مريضته.
كان الصوت غير بشري وغير ملفوظ بوضوح، ظل يردد مكتوما لكن منفعلا: «مم- مم-مم.» فذكر آيريس بحيوان قطع لسانه، يحتج على معاناة لا يفهمها. كانت قد نسيت أمر المسكينة صاحبة الجسد المتكسر - التي ترقد مضمدة لا حول لها ولا قوة في العربة المجاورة - معتمدة تماما على سيدتين قاسيتين.
كانت تلك الذكرى كفيلة بأن توقظ مرة أخرى ريبتها الشديدة في الطبيب، تلك الريبة التي كانت قد خبت. سألت نفسها ما المصير الذي ينتظر مريضته في نهاية الرحلة؟ هل خمنت أنه يسرع بها إلى عملية جراحية ما، محكوم عليها بالفشل، لكنه أوصى بها باعتبارها مجرد تجربة لإرضاء فضوله العلمي؟
صفحة غير معروفة