بدا عليهما الرضا البالغ بالحياة، ورغم طيبتهما كان وقوف الآخرين في الممرات يعزز كثيرا من تقديرهما لترفهما.
قالت آيريس في نفسها بأسى: «مغرورتان!»
كانتا تجعلانها تدرك مكانتها. ذكرت نفسها أنها أيضا كان يفترض أن تجلس في إحدى تلك المقصورات المحجوزة، لا أن تزاحم الآخرين كي تقتحم خصوصية أشخاص غرباء.
تساءلت عندما التقت عيناها بعيني السيدتين: «لم أصبر على ذلك؟» كانت نظرة الآنسة روز أكثر فتورا بدرجة محسوسة، وكأنما تتدرب على تجاهلها تدريجيا تمهيدا للتظاهر بعدم معرفتها في محطة فيكتوريا.
أخيرا فرغت من تفتيش القطار بالكامل عدا عربة المطعم. والآن بعد أن انتهى وقت الشاي، كان يحتلها أولئك الراغبون في احتساء مشروب أو التدخين في سكون.
ظلت آيريس واقفة عند الباب كي تتأكد من أن الآنسة فروي ليست بالداخل تبحث عن توأم روحها الذي تحدثت عنه، وبينما هي كذلك لمس شاب متطلع ذراعها. قال شيئا لم تفهمه، لكنها ترجمته إلى دعوة لاحتساء مشروب منعش، ثم رمقها بنظرة خبيثة.
أثار تصرفه الفظ غضبها فصدته، وكانت على وشك المغادرة عندما ميزت أذناها وسط صخب أصوات الرجال الحروف المتحركة المميزة للكنة الأكسفوردية.
كانت تحاول أن تتبين مصدرها عندما لمحت الطبيب ذا الذقن المدبب. ذكرها رأسه الأصلع المدبب وهو يظهر من وراء غمامة الدخان بقمر يسطع من وراء السحب. كان وجهه شاحبا ذا عظام بارزة، وكانت عيناه تظهر متضخمتين من وراء نظارته السميكة.
بينما كان الحاضرون يرمقونها بنظرة غير عابئة، شعرت أنهم يصنفونها ضمن فئة معينة من النساء.
وفجأة - ودون أي سبب - تذكرت الطبيب الذي ذكرته الآنسة فروي في قصتها المرعبة.
صفحة غير معروفة