في تلك الأثناء، كان هناك حركة بين الركاب الآخرين. بدأت الفتاة الصغيرة تتذمر على نحو مثير للأعصاب، بينما كان الأب يحاول أن يتفاهم معها بالمنطق. خمنت آيريس أنها تشكو قلة النوم، وأنه نجح في إقناعها بأن تغفو قليلا، عندما رأت تحضيرات الأم كي تحافظ على مظهرها المهندم أثناء ذلك.
بعد أن نزعت حزامها الأسود اللامع، وياقتها المصنوعة من قماش الأورغاندي، أخرجت شبكة ووضعتها بعناية فوق شعرها المموج. ظهر على الشقراء الحسناء بوادر الحياة لأول مرة وهي تراقب تلك العملية، لكن اهتمامها ما لبث أن خبا عندما نزعت الأم حذاء ابنتها ذا الإبزيم وألبستها خفا منزليا رثا.
وأخيرا، أشارت إلى مقعد الآنسة فروي الخاوي.
شعرت آيريس بفورة غضب لا تتناسب مع الموقف عندما رأت الفتاة الصغيرة تجلس في مقعد العانس. تمنت لو أنها استطاعت أن تعترض بالإشارات، لكنها كانت تخشى على صورتها أمام الناس فلم تشأ أن تجعل من نفسها أضحوكة.
قالت في نفسها: «عندما تعود الآنسة فروي، ستطردها على الفور من مقعدها.»
لكن عندما أمعنت التفكير، صارت غير واثقة من أنها ستتصرف بذلك الحزم؛ فعندما تذكرت روح الود التي كانت تقابل بها الآنسة فروي الجميع، شعرت أنها لا بد أن تكون قد بنت بالفعل علاقة متفهمة ودودة مع باقي الركاب.
كانت الفتاة الصغيرة ناعسة لدرجة أنها أغمضت عينيها فور أن تكومت في المقعد. نظر والداها أحدهما إلى الآخر وابتسما. جذبا انتباه الشقراء الحسناء، فحيتهما برأسها في استحسان متأدب. وحدها آيريس ظلت خارج الدائرة.
لما كانت هي الدخيلة الفعلية بينهم، كانت تعلم أنهم منحازون ضدها بإجحاف، لكنها كرهت أن تراهم يحتلون مقعد الآنسة فروي بذلك الهدوء. بدا لها أن الركاب الآخرين يستغلون فرصة غيابها؛ إذ لن تستطيع أن تحمل طفلة نائمة على ترك المقعد.
أو ربما حتى كانوا يتصرفون بناء على معلومة سرية وردتهم.
إذ كانوا يتصرفون كأنما يعلمون يقينا أنها لن تعود. هلعت آيريس عندما نظرت إلى ساعتها فوجدت أن نصف الساعة قد انقضى.
صفحة غير معروفة