عندما مرت آيريس من جوارهما في الممر الضيق، كانت إيماءتهما الرسمية لها بمثابة الإقرار المشروط الذي يسبق الإظلام التدريجي للمشهد الأخير في فيلم.
كان لسان حالها يقول: «سنتحدث إليك أثناء الرحلة، لكن بمجرد أن نصل إلى محطة فيكتوريا سنصير أغرابا.»
بينما لم تظهر آيريس أي نية للانضمام إليهما، لم تستطع الآنسة روز أن تمنع نفسها من أن تدير الموقف.
فنادت آيريس قائلة: «صديقتك تحاول لفت انتباهك.»
التفتت آيريس لتجد أن رفيقتها اكتشفت آخر موضع شاغر - طاولة ملاصقة للجدار - وحجزت لنفسها مكانا. عندما انضمت لها، كانت السيدة ضئيلة الجسد تتلفت حولها بعينين لامعتين.
قالت: «لقد طلبت الشاي لصديقيك اللطيفين. أليس ذلك كله ممتعا؟»
كانت سعادتها عفوية وصادقة، فلم تستطع آيريس أن تتهمها بالمبالغة. حدقت بارتياب في ستائر النافذة المخملية الباهتة ذات اللون الذهبي، ومفرش الطاولة المتسخ، والطبق الزجاجي الذي يحوي مربى الكر؛ ثم نظرت إلى رفيقتها.
طالعها وجهها المتجعد الصغير ذو الملامح الباهتة، لكنها رأت التماعة في عينيها الزرقاوين الباهتتين، وميزت نبرة حماسة طفولية في صوتها.
فيما بعد، عندما تحاول جمع الأدلة على ما تعتقد أنه مؤامرة غير عادية، سيجعلها ذلك التعارض بين مظهر العانس التي في خريف عمرها وصوتها اليافع تشكك في حواسها. على أي حال، لم تكن ذكراها جلية على الإطلاق؛ إذ لم تتذكر أنها نظرت بإمعان إلى رفيقتها مجددا.
كانت الشمس ترسل أشعتها الحارقة خلال النافذة، فاضطرت لأن تظلل عينيها بيدها معظم الوقت بينما كانت تحتسي الشاي، لكن وهي تستمع إلى ثرثرتها المتصلة المتحمسة، شعرت أن من تؤانسها هي امرأة تصغرها بكثير.
صفحة غير معروفة