وحيث إنه كان أمامها وقت كاف قبل أن يبلغ القطار ترييستي، أجلت ذلك حتى تتأكد لها حكمة قرارها. بمجرد أن تأججت في ذهنها الفكرة لم يسعها أن توقف وهج الشهرة.
غير أنها في الحقيقة كانت قد حسمت أمرها بالفعل. انكشفت لها عيوب المحامي، إلا أنه يظل هو الجائزة التي راهنت عليها في الأساس؛ فعندما تحوز لقب السيدة براون سيصبح السير بيرفيل مجرد زوج، وهي تعرف كيف تتعامل مع ذلك الحيوان المنزلي المفيد. حتى الآن، كانت تشعر بالخزي بعد أن عرفت أن خطته لا تتضمن الزواج منها، وأنها في خضم توقها لإثارة انبهاره ونيل استحسانه تكونت لديها عقدة نقص.
لكن تكتيكات الهجوم البارعة كانت تناسبها أكثر. كان صوتها متعجرفا عندما تحدثت إلى المحامي.
سألته وهي تتطلع إلى رصيف قذر يظهر دون وضوح في الضوء المرتعش الذي تبثه بضعة مصابيح: «لم توقفنا؟»
قال المحامي مفسرا: «الحدود.» «تبا! هل علينا أن ننزل من القطار ونمر بنقطة التفتيش الجمركي؟» «كلا، بل يصعد المسئولون على متن القطار. ما الذي ينوي ذلك المجنون الأشعث فعله؟»
قطب المحامي جبينه عندما رأى هير يندفع إلى مكتب البرق بينما يصيح بوجه الحارس الذي تبعه وكان يصيح به بدوره. من الواضح أنهما كانا يخوضان مباراة تشاتم من الطراز الأول، لكنها كانت غير مفهومة للركاب الإنجليزيين الذين فاتهم أفضل النقاط التي أحرزت فيها.
في الواقع، خطر للشاب النبيه أن بوسعه أن يوفر وقته الثمين في ترييستي إن استغل توقف القطار في إرسال البرقية التي طلبت منه السيدة بارنز إرسالها إلى مدينة باث بإنجلترا، لكن تلك الفكرة لم تجعله يحوز استحسان أبناء وطنه.
تذمر المحامي وهو ينظر إلى ساعة يده: «ذلك الأخرق يعطلنا.»
لكن فاجأه أن وجد لورا هادئة تماما تجاه الخطر الذي يهدد جدولهما الزمني.
قالت بتراخ: «وهل يهم ذلك؟ فسنصل على أي حال.» «لكن ربما فاتتنا مواصلتنا؛ فهي لا يفصلها سوى القليل عن موعد وصولنا. هذا يذكرني بأمر. كنت أتساءل إذا كان في صالحك أن نفترق قبل أن نصل إلى إيطاليا؛ فربما صادفنا شخصا نعرفه هناك.» «أنا شخصيا لا أرى أن إيطاليا بمثابة ميدان بيكاديلي، لكنها لا تزال بلدا معروفا. فماذا تريد أن تفعل؟» «بإمكاني أن أستقل قطار ترييستي-باريس السريع. هل تستطيعين تدبير أمورك بمفردك في ميلان؟» «على أكمل وجه. سأعثر على أحد ما، أو أحد ما سيعثر علي. على أي حال أستطيع أن أتدبر أمري.»
صفحة غير معروفة