لو علمت السيدة فروي أن أحدا شكك في حقيقة وجودها لثارت غضبا.
بينما كانت آيريس تتنفس الصعداء بعد أن صرفت شبحها الودود، كانت هي في منزلها الذي يستقر في أعماق الريف، تضيف أصدقاءها في غرفة الاستقبال.
كانت غرفة صغيرة لها نوافذ معينة الشكل كستها النباتات المتسلقة، فغمرتها بالظلام، فرشت أرضيتها بسجادة مهترئة، لكنها مع ذلك كانت غرفة رحبة، تناثرت بها كراسي من حقب زمنية مختلفة تآلفت مع قطع من الخوص تبعث على الدفء، وعوضتها خزانة جميلة ذات طلاء أحمر لامع زهو الألوان الذي كان يفتقر إليه القماش المنقوش الباهت للأثاث.
وأمام شبكة المدفأة الحديدية الخاوية، ارتصت آنية تحوي أزهار أقحوان ذهبية جميلة زرعها السيد فروي. لربما كان الضيوف يفضلون إشعال المدفأة؛ إذ كان ثمة برودة خفيفة بالجو - تلازم عادة المنازل الريفية القديمة - تشبه تلك النابعة من البلاطات الحجرية، لكن كانت الشمس بادية من خلال ستار النباتات الخضراء، يسطع ضوءها على مراقد الأزهار بالخارج؛ فمع أن الأضواء الكهربائية كانت مضاءة داخل القطار السريع، كان ضوء النهار لا يزال باديا في الأفق جهة أقصى الشمال.
كانت السيدة فروي امرأة قصيرة ممتلئة، تملك شعرا كساه الشيب، وتتمتع بالكثير من الوقار. بجانب شخصيتها المسيطرة في العادة، كانت تمتلئ بحيوية إضافية ذلك اليوم، نبعت من فكرة أن ابنتها بالفعل في طريقها إلى المنزل.
كانت البطاقة البريدية تستقر على رف المدفأة، مستندة إلى الساعة المزخرفة الضخمة. على ظهر البطاقة كانت ثمة صورة ملونة دون إتقان للجبال ذات القواعد الشديدة الخضرة والقمم البيضاء وخلفها السماء الزرقاء الزاهية. في وسط السماء، وبخط متسق دائري، كتبت الرسالة. «سأكون بالمنزل مساء يوم الجمعة. أليس ذلك رائعا؟»
أرتها السيدة فروي لضيوفها.
وقالت مفسرة بزهو مفرط: «كل شيء يبدو «رائعا» في نظر ابنتي. أخشى أنه فيما سبق كانت تستخدم لفظة «بديع».»
نظرت إحدى الضيوف إلى سلسلة الحروف المتحركة المطبوعة أسفل الصورة وحاولت نطقها ففشلت.
سألتها وهي تشير إلى السطر المكتوب: «أهي في ذلك المكان؟» «أجل.» نطقت السيدة فروي الاسم بسرعة وبحدة، بغرض إبهار ضيوفها؛ إذ كان ما نطقته هو اللفظ المحلي لعنوان ويني، لكن عندما تعود ابنتهما فستبين لهما النطق الصحيح، وتصحح لهما طريقة نطقهما وهما يحاولان تقليد كلامها الحلقي السريع.
صفحة غير معروفة