فهو جل ثناؤه، لا يشبه الخلق ولا يشبهه الخلق، لأنه الخلاق الذي: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } [الشورى:11]. لم يخص بذلك شيئا دون شيء، بل عم الأشياء كلها، ما كان منها وما يكون، فلا شبيه له ولا عديل، لا الضياء ولا الأنوار، ولا الظلمات ولا النار. وذلك أن النور والظلمة مخلوقان محدثان، يوجدان ويعدمان، ويقبلان ويدبران، ويذهبان ويجيئان، ويوصفان ويحدان. والخالق جل ثناؤه ليس كذلك، لأن الخالق جل وعز قديم لم يزل، والمخلوق لم يكن، فآثار الصنعة في المخلوق بينة، وأعلام التدبير قائمة، والعجز فيه ظاهر، والحاجة له لازمة، والآفات به نازلة، فأنت تراه مرة ماثلا، ومرة آفلا زائلا.
صفحة ٢٤٢