وقال بعضهم: فاسق منافق. فكلهم قد أقر بأنه فاسق ) واختلفوا في غير ذلك من أسمائه. فالحق ما أجمعوا عليه من تسميتهم إياه بالفسق، والباطل ما اختلفوا فيه. ففي إجماعهم الحجة والبرهان، نسأل الله التسديد والتوفيق، لما يحب ويرضى.
والأسماء في الدين والأحكام، عند ذي الجلال والإكرام، ليس لأحد من المخلوقين أن يضع اسما وحكما على أحد من العالمين، فيما هم به مأمورون وعنه منهيون، فمن استحل شيئا من ذلك برأيه، عن غير كتاب الله جل ثناؤه، وسنة رسوله الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهو من الضآلين إذ كان عند الله كبيرا. لأن الحكم في ذلك كله لرب العالمين، لقوله جل ثناؤه :{ إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين } [الأنعام:57].
وعلى العبد أن يتجنب الفاسقين، والمعونة لهم على فسقهم، والمجالسة لهم على لهوهم ومعاصيهم، وعليه أن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، لأن على كل مؤمن إذا رأى منكرا مما يجوز أن يغيره هو، أن يغيره بكل ما يقدر عليه ويحل له، وإن كان مما لا يجوز أن يغيره( إلا لإجماع المؤمنين بالتعاون، فعليهم وعليه أن يغيروا ) بكل إمكانهم، بالسيف إن لم يجز إلا بالسيف، وبما دون السيف إذا اكتفي به، وأدنى ذلك النهي باللسان. فإن لم يمكنه ذلك لتعبه لتخوفه الهلاك أو تقية، فإنكار ذلك بالقلب، والعزم على التغيير إذا أمكن الأمر. ولا يترك صاحب المنكر حتى يتوب منه، أو يقام فيه حكم رب العالمين، ويدارى أهل المنكر، ويوعظون بأرق الوجوه ، فإن أبوا إلا المقام على المنكر، فإن قدر على إزالتهم عنه فلا يؤخر ذلك، وإن لم يقدر على إزالتهم جونبوا بمجانبة جميلة، وقطعت الولاية عنهم، ولا يدعا لهم بخير حتى يتوبوا إلى ربهم، إنه { يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون } [الشورى:25].
صفحة ٢٧٧