[المرجئة]
وليحذر العبد أيضا هذه الطائفة من المرجئة فإن قولهم من شر قول وأخبثه، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( صنفان من أمتي لعنوا على لسان سبعين نبيا القدرية والمرجئة، قيل: من القدرية والمرجئة يا رسول الله ؟ فقال: أما القدرية فالذين يعملون بالمعاصي ويقولون: هي من عند الله وهو قدرها علينا، وأما المرجئة فهم الذين يقولون: الإيمان قول بلا عمل ).
فهذان قولان فيهما ذهاب الإسلام كله، ووقوع كل معصية، وذلك أن القدرية زعمت أن الله جل ثناؤه أدخل العباد في المعاصي، وحملهم عليها وقدرها عليهم وخلقها فيهم، فهم لا يمتنعون منها ولا يستطيعون تركها.
وأما المرجئة فرخصوا في المعاصي وأطمعوا أهلها في الجنة بلا رجوع ولا توبة، وشككوا الخلق في وعيد الله، وزعموا أن كل من ركب كبيرة من معاصي الله فهو مؤمن كامل الإيمان عند الله، بعد أن يكون مقرا بالتوحيد، وأن جميع أعمال المؤمنين من الصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك ليس من الإيمان، ولا من دين الله، مع أشياء كثيرة تقبح من قولهم، فكان في قولهم انتهاك حرمات الله سبحانه، وتعدي حدوده، وقتل أوليائه، وخفر ذمته، واستخفاف بحقه، والفساد في أرضه، والعمل بالظلم في عباده وبلاده، فهذان قولان مما أهلك العباد والبلاد بهما، فنعوذ بالله منهما، ونبرأ إلى الله من أهلهما، ونسأله فرجا عاجلا، إنه قريب مجيب .
صفحة ٢٦٧