وقيل في تأويله: بل رزقاه مبسوطان على خلقه، رزق موسع، ورزق مضيق، { ينفق كيف يشاء }. أي: يفعل من ذلك ما هو أصلح لعباده. كذلك قال جل ثناؤه: { بيده الملك } [الملك:1]. يعني: له الملك. وكذلك تقول العرب: الملك بيد فلان. وقد قبض فلان الملك والأرض. وذلك في قبضته وبيمينه. يعنون: في قدرته وملكه. كذلك السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما في قبضة الله وبيمينه. يعني: في قدرته وملكوته وسلطانه، اليوم ويوم القيامة وفي كل وقت. كما قال جل ثناؤه: { والأمر يومئذ لله } [الإنفطار:19]. فالأمر يومئذ واليوم بيده. وقال تبارك وتعالى لمن عصاه وهو يساق إلى النار: { ذلك بما قدمت يداك } [الحج:10]. و{ بما كسبت يداك }. يريد: بما كسبت أنت بقولك وفعلك، ليس يعني: يده دون بدنه وجوارحه .
وقال جل ثناؤه لنبيه، صلوات الله عليه وعلى أهله: { إلا ما ملكت أيمانكم } [النساء:24]. يعني: ما ملكتم أنتم، وتقول العرب: أسلم فلان على يدي فلان. يريدون: بقوله وأمره. ويقولون:
................. بيد الله أمرنا والفناء
يريدون: بالله عمرنا والفناء. ويقولون: نواصينا بيد الله، ونحن في قبضة الله. يريدون في هذا كله: أنا في قدرته وملكه، ليس يذهبون إلى يد كيد الإنسان أو غيره من الخلق.
ومعنى قوله: { وجاء ربك والملك صفا صفا } [الفجر:22]. يقولون: جاء الله جل ثناؤه بآياته العظام في مشاهد القيامة، وجاء بتلك الزلازل والأهوال، وجاء بالملائكة الكرام، فتجلت الظلم، وانكشفت عن المرتابين البهم، وبدالهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون. وليس قوله: { وجاء ربك }. أنه جاء من مكان، ولا أنه زائل ولا حائل، أو منتقل من مكان إلى مكان، أو جاء من مكان إلى مكان، تبارك الله وتعالى عن ذلك. بل هو شاهد كل مكان، ولا يحويه مكان، وهو عالم كل نجوى، وحاضر كل ملأ.
صفحة ٢٤٨