تنزيه الأنبياء
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه:
اعلم أن الأنبياء صلوات الله عليهم لم يعص أحد منهم متعمدا يعلم أن لله معصية فيتعمدها، وذلك لا يجوز على الأنبياء؛ لأنهم أصفياؤه ورسله؛ اختارهم على علم سبق منه فيهم أنه إذا بعثهم إلى خلقه سيبلغون الرسالة، ويؤدون الأمانة، ولا يعصونه في شيء من الأشياء، فعلى ذلك اصطفاهم واختارهم.
قال في قصة آدم عليه السلام: { فنسي ولم نجد له عزما } [طه:115].
وقال في قصة نوح عندما دعا ربه: { رب إن ابني من أهلي{ ، فقال له ربه: { انه ليس من أهلك{ ، يقول: ليس من أهل طاعتك، { انه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم{ ، فقال نوح: { رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين } [هود:4547]، فتاب عليه السلام من ذلك.
وكذلك يوسف صلى الله عليه عندما أخذ أخاه على دين الملك، فقال رب العالمين في ذلك: { كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك } [يوسف:76].
وقال موسى عندما قتل القبطي: { رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي } [القصص:16]، و{ هذا من عمل الشيطان } [القصص:15]، وقال: { فعلتها إذا وأنا من الضالين } [الشعراء:20]، يقول: من الجاهلين لعاقبة أمري.
وداود عليه السلام عندما نظر إلى امرأة أوريا فأعجبته، ثم كان يذكرها في نفسه دائما ويقول: لو دريت أن هذه المرأة على هذه الصفة لتزوجتها قبل أن يتزوجها أوريا، فلما أن بعث الله إليه الملكين اللذين تخاصما إليه وحكم داود بينهما بالحق علم أنه مخطئ في ذلك، فتاب إلى ربه فتاب الله عليه.
وكذلك سليمان، ويونس، وأيوب وجميع الأنبياء، صلوات الله عليهم، ما كانت خطاياهم وعصيانهم إلا على وجه الزلل والنسيان، فاعلم ذلك، ولا تنسب إليهم ما لا يليق بهم؛ لأنهم بررة أتقياء أصفياء صلوات الله عليهم.
صفحة ١٠٥