363

العدل والإنصاف للوارجلاني

تصانيف

الخليفة. ولذلك لقول الله تعالى: {كتب عليكم ........... تتقون} (¬1) . وقال أهل التفسير: لكي يتقوا سفك الدم الحرام. وقالت العرب قديما. القتل أنفى للقتل. ولم يستعتب الرب تعالى أولي الألباب وفوض إليهم النظر إلا وتحت الكلام ما يقتضيه اللب (¬2) وهو القصاص،ومعناه المروعة والمزجرة، وذلك أن تقيموا بألبابكم ما ترونه بأبصاركم. فانفهم لأهل البصائر أن القصاص حياة ولم يجتزوا في واحد بواحد ولا بعشرة ولا بمائة بل بكل قاتل من الجناية. وقد تختلف الجناة في جنايتها فربما بدعه باصبعه أو خدشه بظفره، أو جرحة دامغة أو دامية أو/ بأصبعه متلاحمة أو سمحاقا أو موضحة أو هامشة أو منقلة، أو أمة في رأسه، أو جائفة (¬3) أو ضرب رقيته، أو ذبحه. فكل هؤلاء مشتركون في الجناية مع ذابح وناحر وضارب الرقبة. وأي إيالة أعظم من التسوية بين حاز الرقبة وخادش البشرة فيقاد منهن بالقتل جميعا ويستويان في الجناية. فنظر أولو الألباب إلى الجناية تشمل الآمر والمأمور والمالك والمملوك والأب والابن، والمعلم والصبيان. فأوجبوا على السلطان القود فيمن قتله أحد من الرعية بأمره، وعلى الملاك فيمن قتله أحد من المماليك بأمره، وعلى الآباء فيمن قتله أحد من الأبناء بأمره، وعلى المعلمين فيمن قتله صبيانه

باشلائه (¬4) ، وعلى المكلبين فيمن قتلته الكلاب باغرائه. ولو قصروه على القاتل دون الآمر والمشلي والمغري لضاع الذمار وخربت الديار.

صفحة ٣٦٤