وحرمة الدم أعظم من حرمة المال. وقد يأمر الواحد بتأديب ابنه ولا تهوين، وتهوينه ولا تأديب، وهكذا القول في لحن الخطاب ودليل/ الخطاب؛ لأنا لو تركنا فحوى الخطاب ولحن الخطاب والصيغة لنحى بنا ذلك إلى غير مراد الشارع؛ لأن قوله تعالى: {ولا تحلقوا .............................. أو نسك} (¬1) . وقد نبه ونهى عن الحلق إذا لم تكن علة وأطلقه إذا كانت وهو المرض والأذى. وأوجب فيه الافتداء. ولو لم يسع الحلق للأذى ووجب الافتداء لكان تغليظا على المريض وصاحب الأذى بغير ذنب ولا اعتداء. ليس هذا من مفهوم كلام العرب ولا أليق برأفة الرب. وكذلك قوله تعالى لموسى عليه السلام: {فقلنا اضرب بعصاك الحجر} (¬2) فانفلق إذ ضرب.
وأما دليل الخطاب فالقياس عليه أليق والحكم به أوثق ما لم يعارضه المبطلات لأن الله عز وجل يقول: {وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} (¬3) . فثبت أن ما عدا الحالتين ليس عليه من النفقة شيء. فلو لم ينفهم لنا سقوط الإنفاق على غير/ ذات الحمل لكان المعنيان بمثابة واحدة في الإنفاق على ذات الحمل وغيرها فيقع التخصيص والتنصيص لا فائدة لهما. وقد تذهب أنفاس الأمة إلى خلاف دليل الخطاب كقوله تعالى: {وربائبكم اللاتي .........................بهن} (¬4) . ومع هذا التبيين والتقييد أطبقت الأمة على تحريمهن إلا ما كان من علي بن أبي طالب فإنه أباح الربيبة إذا لم تكن في حجر الزوج. وكذلك قوله تعالى: {لا تقتلوا .... ............ منكم} (¬5) . وأوجبوا الجزاء في العمد والخطأ. والذين قالوا في مفهوم الخطاب بالقياس وغيرهم الذين نفوه إنما اختلفوا في الاسم لا الحكم.
صفحة ٣٥٤