وكذلك اختلافهم فيمن قتل نفسه بحديدة أو تردى من جبل أو تحسى سما. قد أنقد فيه رسول الله عليه السلام الوعيد ولم يجعل له إلى التوبة سبيلا. فهذه الوجوه آكد من الأولى لقول رسول/ الله عليه السلام: »من قتل نفسه بحديدة فهو يتوجى بها في نار جهنم خالدا مخلدا أبدا، ومن تحسى سما فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا أبدا، ومن تردى من جبل فهو يتردى في نار جهنم خالدا أبدا» (¬1) . فخص الذاهب إلى إبطال توبته عموم قول الله تعالى: { وإني ....... اهتدى } (¬2) وهو مذهب عبدالله بن عباس، وعبدالله بن مسعود، وعبدالله بن عمر في قاتل النفس أن قوله: { وإني لغفار لمن تاب } مخصوص بهؤلاء ولا يرون لهم توبة. وأما الذين عولوا على تعميم آية المغفرة وإجرائها (¬3) على نظامها قالوا: محال أن يأمر الله عز وجل عباده بأمر يكون لهم طاعة وإن امتثلوه لم يطيعوا ... ومحال أيضا أن يأمرهم بأمر ولا يجعل السبيل إلى مأتاه (¬4) . فلما أمر هؤلاء صح القبول إن صحت شرائط التوبة فعولوا على المخرج والنجاة والفرج من الله تعالى لمن سلمت نيته.
وأما المرجئة لم تقطع في جميع الذنوب بوعيد. وأهل الوقف قد وقفوا وحاروا. وأهل التعميم قد لجوا وساروا.
باب اختلاط الحلال بالحرام (¬5)
وذلك كالأموال تختلط، والزوجات المطلقات بالزوجات المطلقات (¬6) ، والنسائب بالغرائب، والنجس بالطاهر، والليل بالنهار.
صفحة ١١٤