هكذا لخص الدكتور فؤاد زكريا «التجربة الناصرية» ... كل شيء كان زائفا كاذبا.
وقضية الديموقراطية هي أهم قضايا العصر، ولكنها أيضا ذريعة، وباسمها ترتكب الجرائم والخطايا.
فالديموقراطية مثلا هي الشعار الذي ترفعه الرأسمالية والإمبريالية الجديدة في حربها ضد الثورة الوطنية والاجتماعية في العالم الثالث، وضد الاشتراكية في المعسكر الاشتراكي، فهي تزعم أن معركة العصر هي معركة بين الديموقراطية وبين الشمولية، وليست بين الرأسمالية الاستعمارية وبين الحرية والاشتراكية.
والديموقراطية التي تعترف بها وتتخذها نموذجا يحتذى للعالم الثالث هي ديموقراطية فورموزا، في ظل المرحوم تشيانج كاي شيك، أو ديموقراطية فيتنام الجنوبية في ظل «ثيو» أو ديموقراطية كوريا الجنوبية، وأخيرا وليس آخرا ديموقراطية إسرائيل!
ولكن النظم الأخرى - عبد الناصر في مصر أو سيكو توري في غينيا أو سوكارنو في إندونيسيا - هي نظم ديكتاتورية شمولية شيوعية ... لا بد من مقاومتها لأجل الديموقراطية.
إن الديموقراطية في البلاد التي عانت الاستعمار والاستغلال الأجنبي لا بد أن تبدأ أولا بالديموقراطية الاقتصادية والاجتماعية وتصفية العهد القديم بكل كياناته وعلاقاته.
لا يمكن أن تقوم ديموقراطية في ظل الأمية أو المجاعة أو المرض أو البطالة ... وأغلبية سحقها الاستبداد والاستغلال.
ولم يكن هدم المجتمع القديم ليتم بالحوار والإقناع، بل كان لا بد من العنف والقهر لطبقات قهرت وأذلت الشعب طويلا.
وكان لا مناص - لسوء الحظ - أن يمتد القهر ويتجاوز حدودا في التطبيق، ولكن مهما كانت الأخطاء التي حدثت فإنها لا تبرر اتخاذ اليمين لها ذريعة للتنديد بالثورة.
إن تجاوز «الشرعية» حدث في كل الثورات بلا استثناء، في الشرق والغرب، والثورة ليست حفلة وإنما صراع قوي هائل.
صفحة غير معروفة