وقد كان واجبا علميا على الدكتور قبل أن يلقي بآرائه القاطعة الجازمة؛ أن يطوف المواقع وأن يرى الحياة على الطبيعة، وأن يمسح التحولات بدقة، وأن يراجع الأرقام والإحصاءات.
وإلا فما هي المراجع التي استنبط منها أن كل ما فعلته الثورة هو إضافة 4,5٪ إلى الطبقات القديمة، وكيف سمح له ضميره العلمي أن يلقي بهذه الحقيقة متحديا عدد العمال وعدد الفلاحين وعدد الطلبة وكل التحولات التي حدثت في المجتمع؟
حكاية الطبقة الجديدة
إن الاتهام الوحيد الذي توجهه الطبقات المخلوعة ضد الاشتراكية في كل مكان هو هذا الاتهام؛ أنها خلعت الطبقات القديمة لتحل محلها طبقة جديدة، أو أنها أضافت شرائح أخرى إليها من الثوار الذين تحولوا إلى بورجوازيين.
وقد وجه نفس الاتهام إلى كل الثورات الاشتراكية في المعسكر الاشتراكي أو في العالم الثالث، بلا استثناء.
إن الطبقة الجديدة حقيقة، ولعنة، وهي تصاحب الاشتراكية دائما، وفي مراحل منها، وهي مشكلة واجهت الاتحاد السوفيتي والصين ويوغوسلافيا، كما تواجه كوبا أو مصر أو غينيا، فاستيلاء الثوار على السلطة يغري بعضهم بسوء استغلالها ... وتعمل الطبقات القديمة بكل ما تستطيع على اجتذاب وإفساد أكبر قدر من الثوار لتثبيت دعائمها ولتمد في أجلها.
ولكن الطبقة الجديدة، ليست «طبقة» بل هي مجرد فئات أو شرائح صغيرة، وهي تنتهي دائما باستمرار الثورة؛ لأن الاشتراكية تنجب دائما القوى التي تصحح أخطاءها وعثراتها. والثورة الدائمة هي المصل المضاد للطبقة الجديدة أو الوسيلة لحصارها وتصفيتها. والاشتراكية لا تتحقق سهلة يسيرة ... دائما هي صراع جدلي يستمر طويلا بين المجتمع القديم والجديد.
وربما يستطيع الدكتور أن يعدد مائة عيب وعيبا للاشتراكية، ويوافقه الجميع عليها ولكنها تبقى جميعا تفاصيل، المهم هو أن الإقطاع قد ضرب، وأن مصر الصناعية قامت، وأن التعليم صار حقا، وحقيقة، وأن جيلا جديدا قد نشأ قادرا على مواصلة الطريق، وتحقيق ما لم يتحقق من الحلم العريض.
وحكاية الديموقراطية
لأنه لم تكن هناك اشتراكية، فلم تكن هناك ديموقراطية والعكس أيضا!
صفحة غير معروفة