لو كنت على بصيرة من أمرك خلعت أباك وأمك وجدك وعمك وقميصك وتاجك وسريرك ومعراجك وأتيتنا بالله لله وبعد حسن الأدب لبست وأظنك بعد الأدب تقطع نفسك عن الثوب والعوارض القاطعة أي مسكين تمشي مع وهمك مع خيالك مع كذبك مع عجبك وغرورك وتحمل نجاسة أنانيتك وتظن أنك على شيء وكيف يكون ذلك تعلم علم التواضع تعلم علم الحيرة تعلم علم المسكنة والانكسار
أي بطال تعلمت علم الكبر تعلمت علم الدعوى تعلمت علم التعالي إيش حصل لك من كل ذلك تطلب هذه الدنيا الجايفة بظاهر حال الآخرة لبئس ما صنعت ما أنت إلا كمشتري النجاسة بالنجاسة كيف تغفل نفسك بنفسك وتكذب على نفسك وأبناء جنسك لا يقرب المحب من محبوبه حتى يبعد عن عدوه
رمى بعض المريدين ركوته في بعض الآبار ليستقي الماء فخرجت مملوءة بالذهب فرمى بها في البئر وقال يا عزيزي وحقك لا أريد غيرك
من أثبت نفسه مريدا صار مرادا من أثبت نفسه طالبا صار مطلوبا من عكف على الباب دخل الرحاب ومن أحسن القصد بعد الدخول تصدر في غرفة الوصلة
دخل علي كرم الله وجهه ورضي عنه مسجد رسول الله فرأى أعرابيا في المسجد يقول إلهي أريد منك شويهة ورأى أبا بكر الصديق رضي الله عنه في زاوية أخرى يقول إلهي أريدك
شتان ما بين المرادين شتان ما بين الهمتين
تلعب الآمال بالعقول تلعب بالهمم كل يطير بجناح همته إلى أمله ومقصد قلبه فإذا بلغ غاية همته وقف فلم يجاوزها قال تعالى
ﵟقل كل يعمل على شاكلتهﵞ
أي على نيته وهمته
صفحة ٥٢