213

بلوغ الأرب وكنوز الذهب

تصانيف

قلت: قلت: ولأن هذه الأمة قد شابهت الأمم السابقة في كثير من أحوالها واستنت في أشياء بسننها، ولهذا قال المنصور بالله -عليه السلام- في أثناء الجزء الثالث <<من (الشافي) (1) في أمر الصحابة (لما قيل إنهم)>>(2) كانوا في خير القرون من(3) الزمان الميمون ما معناه: وليس حاله بأعجب من حال بني إسرائيل فإنهم عكفوا على العجل لما غاب عنهم موسى -عليه السلام- بعد (ما) (4) رأوا التسع الآيات عيانا التي أقربها إليهم انفلاق البحر حتى لم يستقم مع هارون -عليه السلام- إلا بني يهوذا؛ وأما الصحابة فما كان منهم إلا الاستبداد بحق المعصوم وأهل بيته؛ وهو أهون من العكوف على العجل وأمر الجميع إليه تعالى {وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون [73أ-أ]}[ ]. انتهى.

قلت: قلت: وعلى هذا فإنه كان فيهم العلماء والكملاء.

قلت: قلت: وكذلك أمر الخوارج فإنه كان فيهم(5) العجب فإن أكثرهم فقهاء وقراء (ورد أنه) (6) كان يحتقر من شاهدهم عبادته مع عبادتهم مع أنه قد جمعت الأمة على أنهم كلاب النار، ومصيرهم إلى أبأس قرار.

قلت: قلت: وكذا ما حكاه الله من أهل البدع والضلالات من ابتغائهم الفتنة بتأويل المتشابهات فإن من نظر إلى فقهاء الجبرية والمتكلمين من الحشوية وغيرهم يعجب من فطنتهم وذكائهم مع ارتضائهم بالفتنة، وكذا أيضا فإن في الفقهاء أهل الذكاء ممن تتبع الرخص المنهي عنها ويتأول بتأويلات منهي عنها، والشارع لا يسوغها ولهذا قال الزمخشري -رضي الله عنه:

إني على ما أراني لا أحذركم .... معرة اللص والأكراد والفسقة

لكن أحذركم من ينبري لكم .... في معرض النسك لا في همة السرقة

صفحة ٢٤٤