بلغة الساغب وبغية الراغب
محقق
بكر بن عبد الله أبوزيد
الناشر
وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد
الإصدار
الأولى
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
إجماع، فصرت مسألة خلاف. فإنني إذا كنت مع رسول الله ﷺ في حزبه، متبعاً لسنته، ما أبالي من خالفني، ولا من خالف فيّ، ولا أستوحش لفراق من فارقني. وإني لمعتقد أن الخلق كلهم لو خالفوا السنة وتركوها، وعادوني من أجلها، لما ازددت لها إلا لزوماً، ولا بها إلا اغتباطاً، إن وفقني الله لذلك؛ فإن الأمور كلها بيديه، وقلوب العباد بين إصبعيه.
وأما قوله: إن هذه المسألة مما لا تخفى: فقد صدق وبرّ، ما هي بحمد الله عندي خفية، بل هي منجلية مضية. ولكن إن ظهر عنده بسعادته تصويب الكلام فيها، تقليداً للشيخ أبي الفرج وابن الزاغوني، فقد تيقنت تصويب السكوت عن الكلام فيها، اتباعاً لسيد المرسلين، ومن هو حجة على الخلق أجمعين، ثم لخلفائه الراشدين، وسائر الصحابة والأئمة المرضيين، لا أبالي من لامني في اتباعهم، ولا من فارقني في وفاقهم. فأنا كما قال الشاعر:
أجد الملامة في هواك لذيذة حباً لذكرك. فليلمني اللّوم
فمن وافقني على متابعتهم، وأجابني إلى مرافقتهم وموافقتهم فهو رفيقي وحبيبي وصديقي. ومن خالفني في ذلك فليذهب حيث شاء، فإن السبل كثيرة، ولكن خطرة.
وقوله بسعادته: إن تعلقه بأن لفظ ((التخليد)) لم ترد: ليس بشيءٍ. فأقول: لكني عندي أنا هو الشيء الكبير، والأمر الجليل الخطير. فأنا أوافق أئمتي في سكوتهم، كموافقتي لهم في كلامهم، أقول إذا قالوا، وأسكت إذا سكتوا، وأسير إذا ساروا، وأقف إذا وقفوا، وأحتذي طريقهم في كل أحوالهم جهدي، ولا أنفرد عنهم خيفة الضيعة إن سرت وحدي.
فأما قوله: إن كتب الأصحاب القديمة والحديثة فيها القول بتكفير القائل بخلق القرآن: فهذا متضمن أن قول الأصحاب هو الحجة القاطعة.
22