البحور الزاخرة في علوم الآخرة

محمد بن أحمد السفاريني ت. 1188 هجري
85

البحور الزاخرة في علوم الآخرة

محقق

عبد العزيز أحمد بن محمد بن حمود المشيقح

الناشر

دار العاصمة للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

تصانيف

فإذا فيه شعرتان بيضاوان، فأخبرتها، فارتاعت، وقالت: أرني فأرْيتُها فقالت: جاء الحقُّ وزهقَ الباطل، اعلم أنّي لو لم تفترضْ عَليَّ طاعتك لما أويت إليك، فدع لي ليلي أو نهاري لأتزوَّدَ فيه، لآخرتي فقلت: لا، ولا كرامة. فَغَضِبَتْ وقالت: تحول بيني وبين ربي، قد آذنني بلقائه، اللهمَّ بدّل حبّه لي بغضًا، قال: فبتُ وما شيء أحبّ إليّ من بُعدِها عنّي، وعرضتُها للبيع، فأتاني مَن أعطاني فيها ما أريد فلما عزمتُ على البيع بكت، فقلتُ: أنتِ أردتِ هذا. فقالتْ: واللهِ ما اخترتُ عليكَ شيئًا من الدُّنيا، هل لك إلي ما هو خير من ثمني. قُلتُ: وما هو؟ قالتْ: تعتقني لله ﷿ فإنه أملك لك، وأعود عليك منك علي. فقلتُ: قد فعلتُ. فقالت: أمضى الله صفقتك، وبلغَّك أضعاف أملك. فتزهّدتُ وبغضت إليَّ الدنيا ونعيمها (١). قال القرطبي: وفي الإسرائيليّات أن إبراهيمَ الخليل ﵊ لمّا رجع من تقريب ولده إلى ربّه ﷿، رأت سارة في لحيته شعرة بيضاء، وكان ﵇ أوّل من شاب فأنكرتها، وأرته إياها، فجعل يتأمَّلهُا وأعجبته، وكرهتها سارة وطالبته بإزالتها، فأبى وأتاه ملك فقال: السلامُ عليك يا إبراهيم، وكان اسمه أبرم فزاده في اسمه هاء والهاء في السريانية للتفخيم، والتعظيم ففرحَ بذلك وقال: أشكر إلهي وإله كل شيء. فقال له

(١) "التذكرة" ص ٦٤ - ٦٥.

1 / 52