رسائل ومقدمات/ ١/ تزيد على عشرة من المختصرات.
ثم إني عزمتُ على جمع كتاب في أحوال الآخرة، بعد أن تتبعت الكتب المؤلفة في هذا الباب (١)، واطلعت على ما فيها من العجب العجاب، فاجتهدت في جمعه وترتيبه، وتفصيله وتبويبه، فصار للمحزون سلوة، وللمشتاق جلوة، محرك المّلوب إلى أجلِّ مطلوب، وباعث النفوس إلى مجاورة الملك القدوس؛ لا يسأمُه الجليس، ولا يمله الأنيس، مشتمل من بديع الفوائد، وفرائد القلائد على ما يعسر تحصيله على الطلاب في سوى هذا الكتاب، إذا نظر فيه المؤمن زاده إيمانًا، وجلا عليه الآخرة حتى كأنه يشاهدها عيانًا، فهو مثير النفوس إلى مجاورة الملك القدوس، وزاجر الهمم الدنيات، عن اقتراف المعاصي والشبهات، وسميته ب:
(البحور الزاخرة في علوم الآخرة)
فإنه اسم يوافق مسماه، ولفظ يوافق معناه، والله يعلم ما به قصدت، وما بجمعه وتأليفه أردت، فهو عند لسان كل عبد وقلبه، وهو المطلع على نيته وكسبه، فيا أيها الناظرُ فيه لك غنمه، وعلى مؤلفه غرمه، ولك صفوه، وعليه هفوه، وهذه بضاعته المزجاة تعوض عليك، وبنات أفكاره تزف إليك.
فإن صادفت كفؤًا كريمًا؛ لن تعدم منه إمساكًا بمعروف أو
_________
(١) وأكثر ما يعزوا إليه الروح لابن القيم، التذكرة للقرطبى، أهوال القبور لابن رجب، شرح الصدور، البدور السافرة في أحوأل الآخرة للسيوطي وكتب ابن أبي الدنيا وأبي نعيم الإشاعة في أخبار الساعة، الفتن لأبي عمرو الداني البهجة للشيخ مرعي.
1 / 5