ابْن فَهد، جزاه الله تَعَالَى أحسن الْجَزَاء، وحباه أحسن الحباء؛ فَأَشَارَ عَليّ بِأَن ألخص مِنْهَا طَبَقَات فِي مُجَلد يحتوي على المهم من التراجم، وَيجْرِي مجْرى مَا أَلفه النَّاس من المعاجم؛ فحمدت رَأْيه، وشكرت لذَلِك سَعْيه؛ ولخصت مِنْهَا اللّبَاب فِي هَذَا الْكتاب، وَتركت تِلْكَ المسودة على حَالهَا من الزَّمَان مُدَّة؛ وَأَنا أعلم أَنه لَا همة لأحد فِي تَحْصِيلهَا، وَلَا الْإِحَاطَة بجملتها وتفصيلها.
فَلَمَّا كتبت على مغنى اللبيب الْحَاشِيَة الْمُسَمَّاة بِالْفَتْح الْقَرِيب وَكَانَ من الْأُمُور الَّتِي أودعها الْبَدْر الدماميني وَشَيخنَا الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الشمني حاشيتيهما الْكَلَام على يسير من الشواهد وتراجم يسيرَة من النُّحَاة، خشيت إِن أَنا أودعت ذَلِك الْحَاشِيَة أَن تطول، وَالْإِنْسَان سئوم ملول؛ فاقتصرت فِي الْحَاشِيَة على الْمسَائِل النحوية، وأبيات الْمُحدثين المروية، وأفردت للشواهد الْعَرَبيَّة كتابا حافلا، وشرحا بأعباء جَمِيعهَا كافلا.
ثمَّ أفردت كتابا ثَالِثا لتراجم من فِيهِ من النُّحَاة، مَبْسُوط التراجم لمن انتحاه؛ فَأخذت فِيهِ ثلث تِلْكَ المسودة، وَالثلث كثير؛ وأوردت فِيهَا الدُّرَر تترى مَا بَين نظم ونثير؛ وَمَا لم يدْخل فِيهِ من الْفَوَائِد والفرائد، والألغاز والزوائد، والمناظرات والمحاورات، والفتاوى والواقعات، وَالْغرر اللامعات؛ أفردت لَهَا كتاب الْأَشْبَاه والنظائر النحوية.
فَلم يضع شَيْء بِحَمْد الله من تِلْكَ المسودة الحاوية المحوية، وألغى عَنْهَا الِاسْم الاول، وَصَارَ الِاعْتِمَاد فِي الطَّبَقَات الجامعة على هَذِه والمعول، وسميتها: " بغية الوعاة، فِي طَبَقَات اللغويين والنحاة ".
وَالله أسأَل الْإِعَانَة والسداد، وَالْهِدَايَة إِلَى سَبِيل الرشاد.
1 / 6