بلاغ الرسالة القرآنية

فريد الأنصاري ت. 1430 هجري
92

بلاغ الرسالة القرآنية

الناشر

دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. وَالله يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [يونس:٢٤،٢٥]. هاهنا لمفهوم (الحياة) حقيقتان: حقيقة الحياة الدنيا، وحقيقة الحياة الأخرى. فأما الحياة الدنيا فأهم خصائصها الجوهرية أنها فانية، فهي محكوم عليها بـ (الفناء)، وقد ضرب الله لها في الآية السالفة مثلًا: وهو دورة الحياة والموت في الطبيعة، إذ ينزل ماء الحياة في فصل الخريف وفصل الشتاء، غيثًا يبعث النبات من أعشاب وزروع، فتبتهج الأرض بالربيع الزاهر، وتحتفل بموسم الجمال، أشجارًا وأطيارًا وأنهارًا، وزخرفة تعلو الروابي والبساتين والسهول؛ فتكون أشبه ما تكون بالحسناء، المتزينة بشتى التلاوين وفنون التقيين؛ حتى تكون في أسحر أحوال الإغواء والإغراء! ذلك أن الزخرفة الصارخة تلقي على قلب الإنسان شباكًا سحرية، فتستوعب كل وجدانه وتفكيره، فلا يرى شيئًا بعد ذلك إلا من خلالها! حتى إذا جاء المصيف، وأنضجت الزروع حبوبها؛ كان الحصاد مآلها، فلا ترى لها في الأرض أثرًا إلا هشيمًا من حصيد! تمامًا كما تتناثر أوراق الأشجار عند الخريف، لقىً ذابلًا، تذروه الرياح بكل البطاح!

1 / 96