بلاغ الرسالة القرآنية
الناشر
دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
إليه تعالى، ثم تنشط الجوارح للسير إلى بابه الكريم، والعروج إلى رضاه، عبر مدارج السالكين، ومنازل السائرين، فيجد الإنسان الأنس كل الأنس كلما ازداد معرفة بالله ﷻ.
وإنما مدارج المعرفة به تعالى أن ينطلق المسلم من توحيد الربوبية، الذي ينفتح بابه على العبد أول ما ينفتح من الشعور بحق الخالقية كما قررناه، ذلك أن الرب إنما هو رب من حيث هو مالك للمربوب، ذلك معناه العام في اللغة وفي الشرع، قال ابن منظور: (الرَّبُّ: هو الله ﷿، هو رَبُّ كلِّ شيءٍ: أَي مالكُه، وله الرُّبوبيَّة على جميع الخَلْق، لا شريك له، وهو رَبُّ الأَرْبابِ، ومالِكُ المُلوكِ والأَمْلاكِ. ولا يقال الربُّ في غَير الله، إِلا بالإِضافة (...) ورَبَّهُ يَرُبُّهُ رَبًّا: مَلَكَه) (١).
فرب الدار: مالكها، وربة البيت: سيدته، ورب السيارة: صاحب السيادة عليها. إلا أن (المالكية) الحقة، إنما تقع في الواقع على من يملك أصل الاختراع والإبداع، إنشاءً وتطويرًا. ذلك هو المالك الحقيقي للشيء، وذلك هو الله ﷾ في ربوبيته للكون والخلق أجمعين. إنه مالك كل شيء خلقًا وإبداعًا، وزيادة ونقصًا، وإحياءً وإماتةً، وبدءًا وإعادةً، وبعثًا ونشورًا. وما كان ذلك كله ليكون لولا أنه هو ﷿ الذي خلق.
ومن هنا كان أول وصف لذاته تعالى، نزل على محمد ﷺ،
(١) لسان العرب، مادة: (ربب).
1 / 76